بالمسبب إمّا أن يكون المطلوب وجوده في نفسه أو إيجاد المكلف إياه ، والأوّل باطل فتعين الثاني ، وحينئذ إيجاد المكلف للمسبب إما أن يكون عين إيجاده للسّبب وقد نسب إليه انتسابا عرضيا ، أم إيجاد آخر غير الإيجاد الأوّل ، والثاني باطل ، لأنّا نعلم أنّه ليس هاهنا إلّا تأثير اختياري واحد من المكلف في السّبب وليس هاهنا تأثير آخر وراءه فتعيّن الأوّل وهو المطلوب.
وبالجملة : ليس إتيان المكلّف بالمسبّب المطلوب في التكليف فعلا آخر غير إيجاده للسّبب وهو أمر واحد ينسب إليهما بحسب الاعتبار يظهر ذلك بالمراجعة إلى الوجدان.» انتهى. (١)
وفيه نظر لأنّ مراده من كون إيجاد المكلف للمسبّب هو بعينه إيجاده للسبب منسوبا إليه انتسابا عرضيا أمّا أنّه لا يتعلّق بالمسبّب إيجاد ولا موجد له ، بل إنّما ينسب إليه الإيجاد بالعرض أي بالمجاز كما هو رأي بعض المعتزلة من أن الأفعال التوليدية موجودات بلا موجد ، فهو في غاية الفساد والركاكة ، وكيف يمكن أن يكون ممكن موجود بلا فاعل موجد؟!
وأمّا أنّ الفاعل يوجدهما معا حقيقة بإيجاد واحد فعلى تقدير معقولية ذلك لا ينفع في المرام ، إذ على تقدير كونه فعلا للمكلّف وموجودا بإيجاده بالقدرة والاختيار لا مانع من تعلّق التكليف به ، إذ ما يتصور مانعا هو موجوديته مع السّبب بإيجاد واحد وهو ليس بمانع ظاهرا كيف ولو كان هذا المعنى مانعا لمنع من تعلقه بالسّبب.
لا يقال : ذلك الإيجاد الواحد متعلّق بالسّبب بالحقيقة وبالمسبب
__________________
(١) راجع ص ٦٣ ـ ٦٤.