ولا يذهب عليك أنّه يمكن تعكيس الدّليل بأن يقال : الإجماع حاصل على وجوب التوصّل وليس بالسّبب لما ذكر فيكون بالشرط فتدبّر.
الثّالث وهو العمدة فيما بينهم وعليه تعويل الأكثر : أن وجود المسبب عند وجود السبب ضروري وعند عدمه ممتنع فلا يمكن تعلق التكليف به لكونه غير مقدور.
والجواب عنه انّ الوجوب باختيار السّبب والامتناع بعدم اختياره لا ينافي المقدورية كما مر سابقا.
ويرد عليه أيضا : أنّه لو تمّ دليلهم هذا لزم انتفاء التكليف رأسا لأنّ السّبب أيضا له سبب عند تحققه يجب وجوده وعند عدمه يمتنع وجوده ، وهكذا ننقل الكلام إلى أن ينتهي إلى الله تعالى.
قال الفاضل المذكور في رسالته بعد أن رد الدلائل المذكورة :
«ويمكن الاستدلال على المطلوب بأن الطلب إنّما يتعلق بفعل المكلّف وهو الحركات الإراديّة الصّادرة عنه التابعة لتحريك القوى المنبثة في العضلات ، وأمّا الامور التابعة لتلك الحركات المعلولة لها فليست فعلا للمكلّف ، بل فعل المكلّف يستتبع لها استتباع العلل للمعلولات ، أو استتباع الأشياء للامور المقارنة لها اقترانا عاديا فلا يمكن تعلّق التكليف بها.
ويرد عليه : أنّ المراد بفعل المكلف إن كان معلوله القريب فلا نسلم وجوب انحصار متعلّق التكليف فيه وإن كان أعمّ من ذلك فمسلم لكن لا يجدي نفعا إذ المسبّب فعل توليدي للمكلّف صادر عنه بتوسّط الفعل الأول كما زعمه المعتزلة واستدلوا عليه بحسن المدح والذم عليه ، والحق أن يقال عند تعلق التكليف