ومن يوجب المقدّمة إمّا أن يقول بتساوي الاستحقاق في الصورتين أو يقول بالتفاوت ، والعقل يحكم بفساد الأوّل ظاهرا فتعين القول بالثاني وحينئذ يجوز أن يكون زيادة الأوّل مقاومة لعدد الاستحقاق في الثاني ، على أنّه يمكن أن يقلب عليهم نظير هذا الكلام بأن يقال : لو لم يوجب المقدّمة لزم أن يكون المأمور بالوضوء إذا كان على شاطئ النهر مثابا بثواب واحد وإذا كان بعيدا من النهر أيضا كذلك مع أنّ العقل يحكم بزيادة الثواب في الثانية.
والجواب الجواب ولا يخفى أنّ هذا القلب لا يتوجه على ما اخترناه في هذا الباب.
وأمّا القول الثّالث : فقد احتج عليه أمّا على عدم وجوب غير السّبب فبالأصل وضعفه ظاهر بعد ما قررنا وبالوجوه المذكورة وقد عرفت ما فيها ، وأمّا على وجوب السبب فبوجوه :
الأوّل : الإجماع ، نقله جماعة منهم الآمدي.
الثّاني : أنّ التوصل إلى الواجب واجب إجماعا وليس بالشرط لما ذكر فتعين السبب فيكون واجبا.
والجواب عن الأوّل أن الإجماع غير ثابت كما نقلنا سابقا من أنّ عبارة «المنهاج» ظاهرها يدل على الخلاف وفي عبارة «المختصر» أيضا إشارة إلى المنع.
وعن الثاني : أنّ المراد بالتوصل إلى الواجب إن كان فعل ما هو وصلة إلى الواجب فلا نسلم الإجماع ، وإن كان المراد تحصيل الواجب والإتيان به فمسلم لكن لا يجديهم كما لا يخفى.