مع أنّ المجيب المذكور قد عبّر في حاشيته على شرح المختصر في هذا المبحث عن ترك الزنا بلفظة الكف في مواضع ، وبعد اللتيا والتي ليت شعري أنّ هذا الاعتراض أيّ تعلق له بالمجيب المذكور لأنّ المستدل إنّما ادعى أنّ ترك الزنا واجب وهو موقوف على فعل ضده فيكون واجبا بناء على وجوب المقدمة ، والمجيب منع التوقف.
فالايراد عليه بأنّ ترك الزنا ليس بواجب مما لا وجه له ، بل هو جواب آخر عن الاستدلال.
ولو قيل : إنّ المراد أنّ ترك الزنا لا يتعلق به التكليف ، بل إنّما يتحقق في الحقيقة بفعل ضده واجبا فانتفى المباح ، فحينئذ يصير دليلا آخر غير ما ذكره الكعبي ، ولا حاجة له إلى المقدمات المذكورة.
وقد ذكره القوم أيضا على حدة وأجابوا عنه ، وغرض المجيب انّما هو دفع الاستدلال المذكور للكعبي لا كل دليل يمكن إقامته في هذا المقام.
وأما ثانيا : فلأنّ قوله : فيكون وجود الصلاة علة لعدم الزنا ، إن أراد أنّه يتوقف عليه ولا يحصل بدونه فهو باطل لأنّ عدم الشيء إنّما يحصل بعدم علته التامة ، فوجود الزنا إذا كان علته التامة مجموعا يكون أحد أجزائه عدم المانع الذي هو الصلاة فعدمه إنّما يحصل بعدم ذلك المجموع وعدم المركب إنّما يحصل بعدم أحد أجزائه ولا يتوقف على خصوص عدم عدم المانع أي وجود الصلاة.
وإن أراد به أنّه إذا فرض أنّ جميع أجزاء العلة التامة للزنا حاصل سوى عدم الصلاة فحينئذ عدم الزنا موقوف على وجود الصلاة ووجود الصلاة موقوف على عدم الزنا فيلزم الدور ، ففيه أنّه يجوز أن يكون هذا الفرض محالا وامتناع صلاحية علية الشيء لعلّته على تقدير محال ممنوع.