الزنا أيضا مانعا منها ، وحينئذ كان الزنا موقوفا على عدم الصلاة فيكون وجود الصلاة علة لعدم الزنا ، والحال أن عدم الزنا علة لوجود الصلاة لأن رفع مانع الشيء من علل وجوده ، فيلزم أن يكون العلية من الطرفين هذا خلف.
ويمكن أن يقال : إذا حصل ترك الحرام بارتكاب فعل ما بحيث صار ذلك الحرام ممتنع الصدور من المكلف في الزمان الثاني ففي الزمان الثاني لا يكون مكلفا بالترك ، لأنّ التكليف فرع القدرة فلا يجب عليه فعل ما لأجل الترك المذكور ، بل كل ما صدر عنه كان متّصفا بالإباحة حينئذ ، وكذلك صدور الحرام عن بعض الجوارح قد يكون ممتنعا في بعض الأوقات بناء على انتفاء شرائط التمكن ، وحينئذ لا يكون مكلفا بالترك كما بينا فكل فعل صدر عنه في ذلك الوقت كان متصفا بالاباحة فلا يلزم انتفاء المباح رأسا.» انتهى. (١)
وفيه نظر أمّا أوّلا : فلأن ما ذكر من أن ترك الزنا مثلا أمر عدمي.
إن أراد به أنّه ليس متعلقا للقدرة كما ذكره بعض ممنوع وما ذكره في بيانه فمندفع كما حقق في موضعه.
وإن أراد أنّه ليس منشأ لأثر ومناطا لحكم فلا يصح تعلق التكليف به وإن كان متعلقا للقدرة فضعفه ظاهر ، لأنه قول بمجرد التشهي والرجم بالغيب بلا دليل ولا ضرورة مع أن المشاهد في الوجود ما يكذبه كثيرا ، ولو سلم فلم لا يجعل متعلق التكليف الكف وهو أمر وجودي لا يجري فيه ما ذكره ، كيف ولا يبعد ادعاء الإجماع المركب على أنّ متعلق التكليف في النهي إمّا العدم على رأي من يراه مقدورا أو الكف على رأي من لا يراه كذلك ، وما ذكره خرق لذلك الإجماع
__________________
(١) راجع ص ٥٩ ـ ٦٠.