وللتكلف في توجيه كلامه هاهنا مجال (١) بحمله على ما ذكرناه من الوجه ، لكن الظاهر من السياق عدم إرادته له أو بحمله على الجواب الذي ذكره من الدليل السّابق وقد عرفت حاله أيضا فافهم.
«ومنها : انّه لو استلزم وجوب ذي المقدّمة وجوبها لامتنع التصريح بعدم الوجوب لكنه ممكن لصحة أن يقال : أوجب عليك الصعود ولا أوجب نصب السلم.» (٢)
والجواب : أنّ المراد بامتناع التصريح إن كان عدم صحة ذلك التصريح وبطلانه في الواقع ، فالملازمة مسلّمة لكن بطلان التالي ممنوع ، إذ المراد بالصحة الذي ذكر في بيانه إن كان عدم البطلان والكذب في الواقع فصحة القول المذكور ممنوعة إذ هو في الحقيقة بمنزلة أن يقال : أطلب منك الصعود ولا اطلبه كما ذكرنا سابقا.
وإن كان إمكان صدور ذلك القول من العقلاء فمسلّم لكن لا دلالة له على بطلان التالي لجواز أن يصدر من العقلاء ما هو خلاف الواقع ويعتقدوه ، والاستلزام الذي يدّعيه على تقدير كونه بديهيا ليس أيضا بحيث لا يخفى على أحد.
وإن كان المراد عدم صحة صدوره عن العقلاء فبطلان التالي مسلّم لكن الملازمة ممنوعة والسند ظهر مما ذكرنا.
__________________
(١) لا يخفى أنّه لو كان مرادهم من الوجوب بعض المعاني التي أبطلنا وجوب المقدّمة عليها فدليلهم تمام حينئذ. منه رحمهالله.
(٢) راجع ص ٥٨.