للإرادة الحتمية المتعلق بمقدماته عند الشعور بكونها مقدمة له وهذا نظير ما يقال إنّ إرادة الشيء يستلزم كراهة ضده عند ملاحظة كونه ضدا ، وعلى هذا يندفع الاحتجاج.» انتهى. (١)
وفيه نظر لأنّه إذا أمر السيد عبده بأمر مطلق إيجابي وعلم العبد انّه لم يكن له حال الخطاب شعور بمقدمة ذلك الشيء لكن يعلم أنّه إذا شعر بها لطلب ذلك الشيء حينئذ أيضا البتة فحينئذ إذا ترك العبد ذلك الشيء واعتذر بعدم شعور السيد بالمقدمة ، فلا شكّ أنّ العقلاء يذمّونه ولا يقبلون اعتذاره ، مع إنّه يلزمه على ذلك القائل أن لا يستحق الذم أصلا لأنّه اعترف بأنّه حينئذ لم يكن ايجاب للمقدمة ، ومقتضى أدلّته السّابقة أنّه لو لم يجب المقدمة لم يصح استحقاق العقاب فيلزم عليه اعتراف بفساد أدلّته السابقة أو فساد قوله هذا ، وكذا الحال في أمر السيّد إذا لم يكن حكيما والقول بأنه يمكن أن يستحق الذم على المقدمة وإن لم يكن واجبة فساده أظهر من أن يخفى ، هذا مع انّه لم يذهب أحد إلى هذا الفرق والفصل الذي لا معقولية له أصلا عند التدبّر في المقام.
وتفصيل القول : أنّ عند عدم الحكمة والشعور بالمقدمات إمّا أن يكون الطلب متحققا ويترتب عليه مقتضاه من وجوب الإتيان بالمطلوب على المأمور وصحة استحقاق الذم على تركه أولا ، والثاني خلاف الضرورة والوجدان كما أشرنا إليه ، وعلى الأوّل يلزم أن لا يكون لطلب المقدمات دخل في صحة طلب الشيء واستحقاق الذم على تركه فبطلت الاستدلالات السابقة المنقولة من هذا القائل.
__________________
(١) راجع ص ٥٩.