فان قلت : هل قال أحد بما اخترته؟
قلت : نعم ، قد قال الغزالي على ما نقل عنه ، ويمكن القول به من غيره أيضا إذ جمع من العلماء أطلقوا القول بوجوب المقدمة ولم يتعرضوا لحال المدح والذم نفيا ، وإثباتا ، فلعلهم ذهبوا أيضا إلى ما ذهبنا.
نعم قد صرح بعضهم بترتب الذم والعقاب مع أنك قد عرفت من قبل أنّه لا غائلة في عدم القول ، بل عدم وجدانه في مثل هذه المسألة.
وأمّا القول الثاني فقد احتج عليه أيضا بوجوه :
منها : أنّه لو استلزم إيجاب شيء إيجاب مقدمته للزم تعقل الموجب لها وإلا للزم الأمر بشيء وإيجابه مع عدم شعور الآمر به وهو بديهي الاستحالة ، واللازم باطل للقطع بإيجاب الفعل مع الذهول عما يلزمه وقد مر سابقا هذا الوجه مع جوابه.
والحاصل : أن مرادهم إن كان عدم لزوم إيجاب المقدمة صريحا فلا نزاع معهم فيه ودليلهم حينئذ ممّا لا يقبل المناقشة ، وإن كان مرادهم عدم الايجاب مطلقا فالجواب ما مر.
وقد يجاب أيضا بأنّ عدم التعقل فيما هو الغرض الأصلي من وضع المسألة من أوامر الله تعالى ممنوع ولا يخفى ما فيه.
وقال الفاضل المذكور في رسالته المذكورة بعد ما ذكر الجواب الذي ذكرنا سابقا ولم يرتضه وذكر أيضا الجواب السابق المتضمن للإجمال والتفصيل :
«والحق أن يقال : إنّا لا ندّعي أن إيجاب المشروط إذا صدر عن أي آمر كان يستلزم إيجاب الشرط ، بل إنّه إذا صدر عن الحكيم العالم الشاعر كان مستلزما