فإنّه يدلّ على أنّ أكثر الحيض خمسة عشر يوما وكذا أقل الطهر ، ولا شك أن بيان ذلك غير مقصود لكن لزم من حيث إنّه قصد به المبالغة في نقصان دينهنّ والمبالغة يقتضي ذكر أكثر ما يتعلق به الغرض.
فإن قلت : هذا لا يجديكم لأنّ غاية ما ذكرتم أنّه يمكن أن يستنبط شيء من خطاب بدون أن يكون مقصودا للمتكلم لا أن يكون المتكلم شاعرا به إذ المقصود في المثالين إنّما هو القصد دون الشعور والكلام إنّما هو في الشعور ، وأيضا لو سلم أنّه يمكن أن يلزم شيء الخطاب بدون الشعور فلا يجدي فيما نحن فيه إذ لا يمكن أن يقول انّ إيجاب الشيء مستلزم لإيجاب مقدمته وإن لم يكن مشعورا به لأن الكلام ليس في الشعور بالإيجاب ، بل الكلام في أنّ الإيجاب يستلزم الشعور بالموجب ولا شك أنّا نأمر كثيرا بشيء وليس لنا شعور بمقدمته فلا يكون لازم إيجاب المقدمة متحققا ، فلا يكون إيجابه أيضا متحققا فبطل أنّ إيجاب الشيء مستلزم لإيجاب مقدمته.
قلت : أمّا الإيراد الأوّل فالأمر كما ذكرت من أنّ الكلام في الشعور دون القصد لكن يمكن أن يقال : إنّ منشأ توهم لزوم الشعور كأنّه توهم لزوم القصد فيرفع الثاني برفع الأوّل وإن لم يكن منشؤه أيضا ذلك ، فلا شك أن في رفع الثاني تقريبا لرفع الأوّل إلى الفهم ، كيف وتحققه يستلزم تحقق الأوّل مع أن الشعور ببعض المعاني المستنبطة من المثالين المذكورين ليس بلازم حال المخاطبة بهما كما لا يخفى وإن لم يكن في حصول تلك المادة كذلك ، إذ الكلام في مطلق الخطاب مع قطع النظر عن المتكلم.
وأمّا الإيراد الثاني فجوابه : أنّا لا نقول إنّ إيجاب الشيء مستلزم لإيجاب مقدمته حتّى يتوجّه ما ذكرت ، بل إنّ إيجاب الشيء مستلزم لوجوب مقدمته مع