عدم الشعور بالمقدمة ووجوبها ، إذ كثيرا ما يلزم شيء من فعل اختياري بدون أن يكون للفاعل شعور به.
فإن قلت : كيف يمكن تحقّق الوجوب بدون الإيجاب مع أنّهما متلازمان؟
قلت : إن أردت أنّ الوجوب والإيجاب الصريح متلازمان ، فغير مسلّم.
وإن أردت أعم من الصريح والتبعي فمسلم لكن الإيجاب التبعي هاهنا متحقق.
والمراد بالإيجاب التبعي الإيجاب المتعلق بما يتوقّف عليه الشيء لا الإيجاب اللازم بتبعية إيجاب آخر.
وقد يدفع أيضا الإيراد الثاني بمنع إمكان الأمر بشيء مع عدم الشعور بمقدمته ، نعم عدم الشعور التفصيلي مسلّم لكن ذلك غير لازم في الأمر. هذا وإذ قد عرفت حال تعلق الخطاب فقس عليه تعلق القصد والإرادة.
وبالجملة : فكل من يطلب شيئا بالطلب الحتمي ، فإن كان كونه ذا مقدمة مشعورا به فالأمر ظاهر ، وإن لم يكن مشعورا به له فحينئذ أيضا الطلب المتحقق به صريحا متعلق في الواقع بمقدماته تبعا ، وإن لم يكن متصورة لأنّ المطلوبية كما يتصف بها الشيء بسبب تصوره وتعلق الطلب به كذلك يتصف بها الشيء بسبب تصور ما يتعلق به تعلق التوقف ونحوه وتعلق الطلب بذلك المتعلق من دون تصور ذلك الشيء ولا فساد فيه.
نعم لا بدّ في المطلوبية الصريحة من تصور المطلوب ، وأمّا في التبعية فلا وقس على الطلب القصد والإرادة والإلزام وأمثالها جميعا.
لا يقال : قد يطلب الشيء ذو المقدمة مع كراهة المقدّمة إذا لم يشعر بكونها مقدمة له. فعلى ما ذكرت يلزم تعلق الإرادة والكراهة بشيء واحد وهو محال