للمصالح عند العدلية كما ثبت في محله يلزم منه وجوب مقدمة الواجب.
وممّا يؤيد وجوب المقدمة أنّ الندامة التي يحصل لتارك الحج عند ترك الحج قد يحصل له عند ترك المقدمات قبل حضور وقت الحج ، وهذا علامة الواجب.» انتهى. (١)
ولا يخفى أنّ هذا الدليل عند التحصيل إمّا أن يرجع حاصله إلى أنّ في المقدمات وتركها مصلحة ومفسدة البتة من حيث توقف المصلحة عليها واستلزامه للمفسدة فلا بدّ من إلزامها والنهي عنه ، لأن الحكم تابع للمصلحة فيصير بعينه الدليلين اللذين سننقلهما عن السيد الفاضل البحراني.
وفيه حينئذ : أنّا لا نسلّم أنّ الاشتمال على مثل هذه المصلحة والمفسدة يوجب الأمر والنهي ، بل القدر المسلم انّ اشتمال الشيء على حسن وقبح في نفسه يوجب الالزام والنهي وأما فيما نحن فيه فيكفي الأمر بما يتوقف عليه والنهي عن تركه وهو ظاهر.
وإما أن يرجع إلى أنه قد يؤمر بالمقدمات وينهى عنها بمجرد كونها مقدمة كما نشاهد من أحوال العقلاء فلا بدّ من أن يكون فيها حسنا وقبحا وإلّا لما حسن الأمر بها والنهي عنها عن العقلاء ففيه حينئذ انّا لا نسلم الأمر بها والنهي عنها حقيقة ، بل الأمر والنهي من قبيل الارشاد والاعلام ، إذ قد يكون في توقف المطلوب على بعض المقدمات خفاء فيعلم به ، أو يخاف الآمر من الغفلة عنها أو نسيانها ، أو يكون بعض الأشياء سببا لسهولة تحصيل المطلوب فيتوقف عليه ، إلى غير ذلك من الامور التي يظهر عند التفتيش.
__________________
(١) راجع ص ٥٥.