لا يقال : ذمه على الهدم ليس لذاته ، بل لكونه موصلا إلى ترك الصعود.
لأنّا نقول : إذا ثبت الذم عليه ثبت إيجاب نقيضه وأمّا كون الذم عليه معلّلا باتّصافه بصفة الإيصال إلى شيء ما لا يقدح في ذلك كما لا يخفى».
ومنها : ما ذكره أيضا في الرسالة المذكورة بقوله :
«في الصورة المذكورة ينهى العاقل الخالص عن الاغراض عن الهدم المذكور نهيا إلزاميا ، والنهي الإلزامي عن العاقل الخالص عن دواعي الشهوة لا يكون إلّا لداعي الحكمة فلا يكون إلّا لقبح الشيء في نفسه كما تقرر في غير هذا المحل فيكون الهدم المذكور قبيحا فيكون نقيضه واجبا». انتهى (١).
ولا يخفى ما في هذين الوجهين من الوهن لعدم تسليم كون الذم على الهدم والنهي عنه.
وليت شعري لم عدل عن الذم على ترك المقدمات الظاهرة للصعود مثل نصب السلّم ونحوه والنهي عنه إلى الذمّ على الهدم الّذي لم يظهر كون تركه مقدّمة للصّعود والنّهي عنه؟ مع أن من يسلّم الذم والنهي فيه ففي ترك نصب السلّم بطريق الأولى ومن لا يسلم في ترك نصب السّلم وهو أوّل النزاع ، كيف يسلم في الهدم وهو ظاهر. وفي الدليل الآخر كلام آخر سيظهر عن قريب.
ومنها : ما ذكره أيضا في الرسالة المذكورة بقوله :
«سنبيّن أن إيجاب المسبّب يستلزم إيجاب السّبب [وكذا تحريم المسبّب يستلزم تحريم السبب] ويلزم من ذلك أن يكون إيجاب المشروط مستلزما لإيجاب الشرط ، لأنّ ترك الواجب قبيح وترك الشرط [سبب] مستلزم لترك الواجب
__________________
(١) راجع ص ٥٤ ـ ٥٥.