بديهي بعد ملاحظة الطرفين وتجريدها عن العوارض وإن حصل التوقّف في بادئ النظر ، فإذن ثبت أن إيجاب الشيء يستلزم الإرادة الحتمية المتعلّقة بمقدماته فيكون المقدمة واجبة إذ ليس الواجب عند أصحابنا إلّا هذا» (١). انتهى.
وفيه نظر لأنّه إذا كان الطلب هو الإرادة وكان المطلوب من الصيغة الموضوعة للطلب إعلام المخاطب بحصول الإرادة في النفس فيلزم أن يكون وضع الجمل الطبية لغوا غير محتاج إليه ويكون مفهوماتها ممّا لا يتعلّق بتصورها غرض أصلا ؛ وهو باطل.
بيان الملازمة : أن النسب الإنشائية والصيغ الموضوعة لها ليست عين الإرادة وهو ظاهر ولا دخل لها أيضا في حصول الإرادة ولا في حصول الإعلام عنها ، وعلى التقدير المذكور ليس معنى آخر حتى يتصوّر مدخليتها فيه أمّا أنها لا مدخل لها في حصول الإرادة فظاهر ، لأنّ الإرادة معنى قائم بالنفس إنّما يتوقف حصولها على تصور المراد والمكلّف فقط ولا توقف لها على تصوّر النسبة التامة الإنشائية ، ولا على صيغها وهو ظاهر سواء قلنا إنّها عين الدّاعي أو غيرها.
وأمّا الاعلام فلأنّ حاصله أن يعلم الآمر المخاطب أن الإرادة موجودة في نفسه ولا شكّ أن هذا المعنى معنى خبري واللّفظ الدال عليه جملة خبرية ، ولا توقف له على النسبة الإنشائية وصيغها.
وأمّا أنّه ليس على هذا التقدير معنى آخر يتصوّر مدخليتها فيه فظاهر.
فثبت لغوية هذه المفهومات وصيغها ، بل وكان يجب أن لا يدخل هذه المفهومات في الوجود كما لا يخفى على من أنصف.
__________________
(١) راجع ص ٥٣ ـ ٥٤.