وأمّا بطلان التالي فبالضرورة والوجدان.
سلّمنا عدم بطلان التالي.
لكن نقول : لا شكّ أن الصيغ الإنشائية دالّة على الطلب وعلى هذا التقدير لا يتصوّر دلالتها عليه ، لأن هذا المعنى أي أن الإرادة حاصلة في النفس ليس معنى مطابقيا لتلك الصّيغ ولا تضمنيا وهو الظاهر ولا التزاميا أيضا ، إذ ليس هذا المعنى لازما بيّنا بالمعنى الأخص لمفهوم لفظة اضرب مثلا وهو ظاهر ، بل ولا لازما مطلقا كما يظهر عند التأمّل ، وليس أيضا بين النسبة الإنشائية وبين الإرادة علاقة ذاتية حتى ينتقل منها بسبب تلك العلاقة إلى الإرادة فانتفت الدلالة رأسا.
ولو سلم إمكان الدلالة بارتكاب تكلف بأن يقال مثلا : انّه شرط حال وضع هذه الصيغ أن لا يستعملوها إلّا عند وجود الإرادة ونحو هذا من التكلفات الركيكة.
فلا شكّ أن دلالة الجمل الخبرية عليها حينئذ أقوى وأظهر مع انهم صرّحوا قاطبة بأنّ الانشائيات دالّة على الطلب بالذّات والاخبار عن الطّلب دالّ عليه بالعرض.
فظهر أنّ الطلب ليس هو الإرادة وأن ليس الغرض من الصيغ الإنشائية الإعلام بأنّ الإرادة حاصلة في النفس ، بل يجب أن يكون أمرا غير الإرادة.
ولا يجوز أيضا أن يكون أمرا مثل الإرادة متوقفا على تصور المطلوب والمطلوب عنه فقط ، ويكون الغرض من الصيغ الإعلام بحصوله في النفس لعود المفاسد المذكورة فهو إمّا نفس النسبة التامّة الإنشائية ، بل إدراكها لكن لا يطلق عليه اسم الطّلب إلّا بشرائط مثل حصول الإرادة ونحوه حتى لا يرد أن كثيرا ما ندركها وليس الطّلب متحققا ، وإمّا أمر آخر غيره لكن يتوقف حصوله على ذلك الإدراك وهذا بعينه نظير التصديق في الجمل الإخبارية فإنه أيضا إمّا عين إدراك