عدمه ، وهذا المعنى متحقق بالنسبة إلى المقدمة بناء على الاعتراف السابق ، إذ عند وجودها في الوقت المفروض الطلب متحقّق وعند عدمها منتف فيكون الطّلب مشروطا بها وذلك لما عرفت من أنّ معنى الطلب المشروط ليس هذا ولا يستلزمه أيضا ، بل انّما يستلزم ثبوت استحقاق الذم على الترك اختيارا على تقدير الشرط وعدم استحقاقه عليه على تقدير عدم الشرط والطّلب المطلق إنّما يستلزم منه مطلقا وأمّا الطّلب فحاصل وقت الخطاب فيهما جميعا.
وكفاك شاهدا على ما ذكرنا ملاحظة حال الجملة الخبرية الشرطية ، مثلا إذا قال أحد : إذا جاء زيد جئتك ، فهل الوعد بالمجيء متحقق حال الخطاب أو حال مجيء زيد؟ وهل هو وعد بالمجيء المقارن لمجيء زيد حتى لو لم يتحقّق المجيء الكذائي لكان مخلفا غير منجز له ، أو لا؟ ولا اظنك في مرية من أنّه متحقّق حال الخطاب وأنّه ليس وعدا بالمجيء المقارن ، بل معنى آخر فقس عليه حال الطلب أيضا سواء بسواء.
فإن قلت : ما معنى الطلب المشروط والوعد المشروط ونحوهما؟
قلت : لا يمكن التعبير عنه بلفظ سوى الشرطية ونظيرها وكل ما يعبر به عنه من المقدمات الحملية ونظائرها يخالف معناه ويفوت به الغرض ، وما تسمعهم يقولون : إنّ معنى الشرطية الحكم بثبوت نسبة على تقدير اخرى معناه إن كان ذلك التقدير ، وليس مرادهم أنّه الحكم بثبوت نسبته مقارنة لذلك التقدير ، إذ لو كان كذلك لما صدقت الشرطيات التي مقدماتها كاذبة في الواقع ، وكذا ما يقال انّ معناها الحكم بتحقّق الملازمة بين المقدّم والتالي ، لأن الملازمة لا معنى لها سوى أنّه إن كان كذا كان كذا ، وكذا الحال في نظائرهما من العبارات والاعتبارات فتأمّل.