وفيه نظر لأنّ قوله : فإمّا أن يريد الإتيان به على أي تقدير إمّا أن يراد به أن الإيجاب ليس بمشروط بوجود المقدّمة ولا بعدمها كما قد يستعمل مثل هذه العبارة في مثل هذا المعنى في بعض المواضع ، فنختار أنّه كذلك وظاهر أنّ هذا المعنى لا يستلزم التكليف بما لا يطاق.
وإمّا أن يراد به أنّ المراد الإتيان به مقارنا للمقدّمة أو عدمها ، فنختار أن المراد الإتيان به مقارنا للمقدّمة وبمجرّد ذلك لا يظهر لزوم تقييد الوجوب ولا وجوب المقدّمة ، بل هو أوّل النزاع كما لا يخفى.
وإمّا أن يراد به أنّه على تقدير كل من وجود المقدمة وعدمها في ذلك الزمان الإيجاب متحقق فيعود إلى الوجه الثاني والجواب الجواب.
ولا يخفى أنّ هذه الشبهة نظيرة أن يقال : إنّه إذا قال أحد : أشتري اللحم غدا من السوق ، لزم أن لا يكذب لعدم الاشتراء في الغد إذا لم يدخل السّوق لأنّه إمّا يشتريه على أي تقدير دخل السّوق أو لا ، أو يشتريه على تقدير الدخول والأوّل محال ، فلا يكون هو معنى الكلام لظهور أن العقلاء لم يخطئوا مثل هذا الكلام ولم ينسبوه إلى الاستحالة.
فتعين الثاني فصار الكلام بمنزلة : أشتري اللّحم إن أدخل السّوق فيلزم أن لا يكذّب بعدم الاشتراء إن لم يدخل السّوق وهو ظاهر.
وكذا إذا قال المسافر : أدخل البلد غدا ، فيقال : أيدخله على تقدير قطع الطريق وعدمه؟ أو على تقدير القطع؟
أو قال أحد : النهار موجود ، فيقال : أهو موجود على تقدير طلوع الشمس وعدمه؟ أو على تقدير القطع طلوعه؟ إلى آخر ما ذكرنا والجواب الجواب.