واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ) (١) فَجَعَلَ لِلزَّوْجِ النِّصْفَ وَأَعْطَى الْأَخَ مِنَ الْأُمِّ السُّدُسَ ثُمَّ قَسَمَ الْبَاقِيَ بَيْنَ ابْنَيِ الْعَمِّ فَحَصَلَ لِابْنِ الْعَمِّ الَّذِي هُوَ أَخٌ مِنَ الْأُمِّ ثُلُثٌ وَلِابْنِ الْعَمِّ الَّذِي لَيْسَ بِأَخٍ سُدُسٌ وَلِلزَّوْجِ نِصْفٌ فَتَكَمَّلَتِ الْفَرِيضَةُ وَرَدَّ قَضَاءَ شُرَيْحٍ وَاسْتَدْرَكَهُ.
ومنها أَنَّهُ علیهما السلام حَيْثُ كَانَ بِالْكُوفَةِ حَاكَمَ يَهُودِيّاً فِي دِرْعٍ إِلَى شُرَيْحٍ وَادَّعَى أَنَّ الدِّرْعَ بِيَدِ الْيَهُودِيِّ فَأَنْكَرَ الْيَهُودِيُّ دَعْوَاهُ فَطَالَبَهُ شُرَيْحٌ بِمَنْ يَشْهَدُ بِهَا فَشَهِدَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ علیهما السلام بِالدِّرْعِ فَرَدَّ شُرَيْحٌ شَهَادَتَهُ وَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ كَيْفَ أَقْبَلُ شَهَادَةَ ابْنِكَ لَكَ وَالْوَلَدُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِوَالِدِهِ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ علیهما السلام فِي أَيِّ كِتَابٍ وَفِي أَيِّ سُنَّةٍ وَجَدْتَ أَنَّ هَذِهِ الشَّهَادَةَ لَا تُقْبَلُ ثُمَّ عَزَلَهُ عَنِ الْقَضَاءِ وَأَخْرَجَهُ إِلَى قَرْيَةٍ تَرَكَهُ بِهَا نَيِّفاً وَعِشْرِينَ يَوْماً ثُمَّ أَعَادَهُ إِلَى مَكَانِهِ وَوَلَايَتِهِ وكشف سر هذه الواقعة وما صدر من أمير المؤمنين علیهما السلام في حق شريح أنه لم يدع الدرع لنفسه وإنما ادعاها لبيت المال فإنه نائب المسلمين والإمام القائم بمصالحهم فادعى الدرع لهم وشهادة الحسن علیهما السلام بها لهم فتسرع شريح ـ وظن أنها لعلي وأن الحسن يشهد بها له فأدبه لتركه الفحص وتدقيق النظر فإن ذلك موجب لتعطيل الحقوق وإيصالها إلى غير مستحقيها.
قال ابن طلحة ومن العجائب والغرائب أن جماعة من العلماء منهم إسحاق بن راهويه وأبو ثور وابن المنذر والمزني وأحمد بن حنبل في إحدى الروايات عنه لما بلغهم هذه القصة وما اعتمده أمير المؤمنين مع شريح استدلوا بذلك على جواز شهادة الولد لوالده وجعلوا ذلك مذهبا لهم وأجروه مجرى شهادة الأخ لأخيه استنادا إلى هذه الواقعة واستدلالا بفعله علیهما السلام وغفلوا عن سرها وحقيقة أمرها.
أقول إن هذه القسمة في هذه المسائل وقسمة الفرائض (٢) أوردها ابن طلحة وغيره من علماء الجمهور وليست مذهب أمير المؤمنين علیهما السلام ولكنه لشرفه
________________
(١) النساء : ١٢.
(٢) في المسألة الدينارية والمنبرية.