يا محمد قل : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ). حتى بلغ (وَلَا الضَّالِّينَ) ولكن هذا الحديث لا يصلح للاحتجاج به على أولية ما نزل مطلقا ، وذلك من وجهين : أحدهما : أنه لا يفهم من هذه الرواية أن الفاتحة التى سمعها الرسول صلىاللهعليهوسلم كانت في فجر النبوة أوّل عهده بالوحى الجلىّ وهو في غار حراء ، بل يفهم منها أن الفاتحة كانت بعد ذلك العهد ، وبعد أن أتى الرسول إلى ورقة ، وبعد أن سمع النداء من خلفه غير مرة ، وبعد أن أشار عليه ورقة أن يثبت عند هذا النداء حتى يسمع ما يلقى إليه. وليس كلامنا في هذا ، إنما هو فيما نزل أول مرة. الثانى : أن هذا الحديث مرسل سقط من سنده الصحابى ، فلا يقوى على معارضة حديث عائشة السابق في بدء الوحى ، وهو مرفوع إلى النبى صلىاللهعليهوسلم. فبطل إذا هذا الرأى الثالث وثبت الأول أيضا.
بيد أن صاحب الكشاف عزا هذا القول الثالث إلى أكثر المفسرين ، ولكن ابن حجر فنده فيما ذهب إليه من هذا العزو ، وصرح بأن هذا القول لم يقل به إلا عدد أقل من القليل.
القول الرابع : ـ أن أول ما نزل هو «بسم الله الرّحمن الرّحيم» واستدل قائلوه بما أخرجه الواحديّ بسنده عن عكرمة والحسن قالا : أوّل ما نزل من القرآن (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) وأول سورة اقرأ». وهذا الاستدلال مردود من ناحيتين أيضا : إحداهما : أن الحديث مرسل كسابقه فلا يناهض المرفوع. الثانية : أن البسملة كانت بطبيعة الحال تنزل صدرا لكل سورة إلا ما استثنى. إذن فهى نازلة مع ما نزل من صدر سورة اقرأ ، فلا يستقيم اعتبار الأولية في نزولها قولا مستقلا برأسه.
آخر ما نزل على الإطلاق
اختلف العلماء في تعيين آخر ما نزل من القرآن على الإطلاق ، واستند كل