منهم إلى آثار ليس فيها حديث مرفوع إلى النبى صلىاللهعليهوسلم. فكان هذا من دواعى الاشتباه ، وكثرة الخلاف على أقوال شتى :
الأول : أن آخر ما نزل ، قول الله تعالى في سورة البقرة (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ ، ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ ، وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ). أخرجه النسائى من طريق عكرمة عن ابن عباس ، وكذلك أخرج ابن أبى حاتم قال : «آخر ما نزل من القرآن كلّه (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ) الآية. وعاش النبى صلىاللهعليهوسلم بعد نزولها تسع ليال ، ثم مات لليلتين خلتا من ربيع الأوّل.
الثانى : أن آخر ما نزل هو قول الله تعالى في سورة البقرة أيضا (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ). أخرجه البخارى عن. ابن عباس والبيهقي عن ابن عمر.
الثالث : أن آخر ما نزل آية الدين في سورة البقرة أيضا وهى قوله سبحانه : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ) إلى قوله سبحانه : (وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) وهى أطول آية في القرآن. أخرج ابن جرير عن سعيد بن المسيب : «أنه بلغه أنّ أحدث القرآن عهدا بالعرش آية الدّين».
أخرج أبو عبيد في الفضائل عن ابن شهاب قال : «آخر القرآن عهدا بالعرش آية الرّبا وآية الدّين».
ويمكن الجمع بين هذه الأقوال الثلاثة بما قاله السيوطى رضى الله عنه من أن الظاهر أنها نزلت دفعة واحدة كترتيبها في المصحف لأنها في قصة واحدة ، فأخبر كلّ عن بعض ما نزل بأنه آخر ، وذلك صحيح.
أقول : ولكن النفس تستريح إلى أن آخر هذه الثلاثة نزولا هو قول الله تعالى : (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ ، ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ). وذلك لأمرين أحدهما : ما تحمله هذه الآية في طياتها من الإشارة