يحبّهم (١)». وقد صارت تلك العلوم غريبة بحيث يمقت ذكراها. ولذلك قال الثّورى رحمهالله : إذا رأيت العالم كثير الأصدقاء فاعلم أنه مخلط ، لأنه إن نطق بالحق أبغضوه» انتهى كلام الإمام الغزالى ، ضاعف الله أجره وأحسن ذخره ، ووهبنا السلامة والعافية بمنه وكرمه ، آمين.
ت ـ تفاسير أهل الكلام
كل إنسان تغلب عليه نزعته في كتابته ، وتلوح عقيدته من خلال تأليفه وتحديثه كما قلنا. وذلك هو الشأن في علماء الكلام حين تصدّوا لتفسير كتاب الله. فالسنىّ لاحت على تفسيره أنوار أهل السنة. والمعتزلىّ فاحت من جوانب بيانه روائح الاعتزال. والشيعىّ هبّت من نواحى تأويله ريح التشيّع. وهكذا.
بيد أن الفرق بينهم كبير ، فى التعصّب أو القصد ، وفي الإيجاز أو البسط.
وقد مضى بك الحديث في تفاسير المعتزلة والشيعة. ورأيت كيف كان الزمخشرى في اعتزاله مقتصدا مستخفيا؟ وكيف كان القاضى عبد الجبار متعصّبا مستعلنا؟ وكيف كان المولى عبد اللطيف متشيّعا مسرفا.
وكذلك تجد في أهل السنة أنفسهم من هو قاصد في تأييد عقيدته بتفسيره كأولئك الذين ترجمناهم وترجمنا تفاسيرهم من قبل ، عند الكلام على أشهر كتب التفسير بالرأى المحمود.
ومن أهل السنة من استبسل في الدفاع عن عقيدتهم في تفسيره. وعلى رأس هؤلاء الإمام فخر الدين الرازى ، الذى شنّها حربا شعواء في كل مناسبة ، على أهل الزيغ
__________________
(١) هذا الحديث رواه أحمد من حديث عبد الله بن عمرو.