قائمة الکتاب

    إعدادات

    في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
    بسم الله الرحمن الرحيم

    مناهل العرفان في علوم القرآن [ ج ١ ]

    مناهل العرفان في علوم القرآن [ ج ١ ]

    563/575
    *

    على أكفّ السوادية في شوارع الطرق ،. والحكمة هى التى أثنى الله عزوجل عليها فقال (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً) وقال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «كلمة من الحكمة يتعلمها الرّجل خير له من الدنيا وما فيها (١)» فانظر ما الذى كانت الحكمة عبارة عنه؟ وإلى ما ذا نقل؟ وقس به من بقية الألفاظ واحترز عن الاغترار بتلبيسات علماء السوء ، فإن شرهم على الدين أعظم من شر الشياطين ، إذ الشيطان بواسطتهم يتدرّج إلى انتزاع الدين من قلوب الخلق. ولهذا لما سئل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن شر الخلق أبى وقال : «اللهمّ غفرا (٢)» حتى كرروا عليه فقال : «هم علماء السوء».

    فقد عرفت العلم المحمود والعلم المذموم ومثار الالتباس. وإليك الخيرة في أن تنظر لنفسك فتقتدى بالسلف ، أو تتدلى بحبل الغرور وتتشبّه بالخلف. فكل ما ارتضاه السلف من العلم قد اندرس ، وما أكبّ الناس عليه فأكثره مبتدع ومحدث. وقد صحّ عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «بدأ الإسلام غريبا. وسيعود غريبا كما بدأ ، فطوبى للغرباء» فقيل : يا رسول الله ومن الغرباء؟ قال : «الذين يصلحون ما أفسده الناس من سنّتى. والذين يحيون ما أماتوه من سنّتى (٣)» وفي خبر آخر : «هم المتمسّكون بما أنتم عليه اليوم (٤)» وفي حديث آخر : «الغرباء ناس قليل صالحون بين ناس كثير. من يبغضهم في الخلق أكثر ممن

    __________________

    (١) هذا الحديث روى ابن المبارك في الزهد والرقائق مثله مرسلا ، وفي مسند الفردوس بسند ضعيف.

    (٢) هذا الحديث رواه البزار في مسنده بسند ضعيف.

    (٣) هذا الحديث رواه مسلم من حديث أبى هريرة مختصرا ، وهو بتمامه عند الترمذى من حديث عمرو بن عوف وحسّنه.

    (٤) هذا الحديث يقول الحافظ العراقى في تخريجه : لم أر له أصلا.