النمط. وهو أن يكون غرضه ورأيه تقرير أمر وتحقيقه. فيستجرّ شهادة القرآن إليه ، ويحمله عليه ، من غير أن يشهد لتنزيله عليه دلالة لفظية لغوية أو نقلية.
ولا ينبغى أن يفهم منه أنه يجب ألا يفسر القرآن بالاستنباط والفكر ، فإن من الآيات ما نقل فيها عن الصحابة والمفسرين خمسة معان وستة وسبعة ، وعلم أن جميعها غير مسموع من النبى صلىاللهعليهوسلم ، فإنها قد تكون متنافية لا تقبل الجمع ، فيكون ذلك مستنبطا بحسن الفهم وطول الفكر. ولهذا قال صلىاللهعليهوسلم لابن عباس رضى الله عنه : اللهم فقّهه في الدّين وعلّمه التأويل».
ومن يستجيز من أهل الطامّات مثل هذه التأويلات مع علمه بأنها غير مرادة بالألفاظ ، ويزعم أنه يقصد بها دعوة الخلق إلى الخالق ، يضاهى من يستجيز الاختراع والوضع على رسول الله صلىاللهعليهوسلم لما هو في نفسه حق ولكن لم ينطق به الشرع. كمن يضع في كل مسألة يراها حقا حديثا عن النبى صلىاللهعليهوسلم ، فذلك ظلم وضلال ودخول في الوعيد المفهوم من قوله صلىاللهعليهوسلم : «من كذب علىّ متعمدا فليتبوّأ مقعده من النّار». بل الشر في تأويل هذه الألفاظ أطمّ وأعظم لأنه مبطل للثقة بالألفاظ وقاطع طريق الاستفادة والفهم من القرآن بالكلية. فقد عرفت كيف صرف الشيطان دواعى الخلق عن القوانين المحمودة إلى المذمومة. فكل ذلك من تلبيس علماء السوء بتبديل الأسامى. فإن اتبعت هؤلاء اعتمادا على الاسم المشهور من غير التفات إلى ما عرف في العصر الأول ، كنت كمن طلب شرف الحكمة باتباع من يسمى حكيما ، فإن اسم الحكيم صار يطلق على الطبيب والشاعر والمنجّم في هذا العصر. وذلك بالغفلة عن تبديل الألفاظ.
ثم قال : «اللفظ الخامس ـ أى من الألفاظ التى وقع فيها التلبيس ـ لفظ الحكمة فإن اسم الحكيم صار يطلق على الطبيب والشاعر والمنجّم حتى على الذى يدحرج القرعة