عن حدود الضبط والتقييد. وكثيرا ما يختلط فيها الخيال بالحقيقة والحق بالباطل. وإذا تجردت من ذلك فقلما يظهر منها مراد القائل. وإذا ظهر فقد يكون من الكفريّات الفاحشة ، التى نستبعد صدورها من العلماء والمتصوفة بل من صادقى عامة المسلمين. والتى نرى الطعن فيها بالدس والوضع ، أقرب وأسلم من الطعن فيمن عزيت إليه بالكفر والفسق.
فالأحرى بالفطن العاقل ، أن ينأى بنفسه عن هذه المزالق ، وأن يفرّ بدينه من هذه الشبهات. وأمامه في الكتاب والسنة وشروحهما على قوانين الشريعة واللغة رياض وجنات. (أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ)؟!.
قال صلىاللهعليهوسلم : «فمن اتّقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه».
وقال صلىاللهعليهوسلم : «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» وبالله تعالى توفيقى وتوفيقك. نسأله تعالى أن يخرجنا من ظلمات الأوهام ، وأن يحققنا بحقائق الدين وتعاليم الإسلام ، آمين.
كلمة لحجّة الإسلام الغزالى
وأختتم نصيحتى هذه بكلمة قيّمة تتصل بموضوعنا اتصالا ماسا ، وهى مدبّجة بيراعة الإمام الغزالى ، حين عرض في كتابه الإحياء للذكر والتذكير وما أدخله الناس فيهما ، فقال ـ بلّل الله ثراه ـ :
وأما الشطح فنعنى به صنفين من الكلام أحدثهما بعض الصوفية :
(أحدهما) الدعاوى الطويلة العريضة في العشق مع الله تعالى ، والوصال المغنى عن الأعمال الظاهرة حتى ينتهى قوم إلى دعوى الاتحاد وارتفاع الحجاب ، والمشاهدة بالرؤية ، والمشافهة بالخطاب ، فيقولون : قيل لنا كذا وقلنا كذا ، ويتشبهون فيه بالحسين بن منصور الحلّاج الذى صلب لأجل إطلاقه كلمات من هذا الجنس