ت ـ نصيحة خالصة
بيد أن هذا التفسير كما ترى ، جاء كله على هذا النمط دون أن يتعرض لبيان المعانى الوضعية للنصوص القرآنية. وهنا الخطر كل الخطر. فإنه يخاف على مطالعه أن يفهم أن هذه المعانى الإشارية ، هى مراد الخالق إلى خلقه في الهداية إلى تعاليم الإسلام ، والإرشاد إلى حقائق هذا الدين الذى ارتضاه لهم.
ولعلك تلاحظ معى أن بعض الناس قد فتنوا بالإقبال على دراسة تلك الإشارات والخواطر ، فدخل في روعهم أن الكتاب والسنة بل الإسلام كله ما هى إلا سوانح وواردات ، على هذا النحو من التأويلات والتوجيهات. وزعموا أن الأمر ما هو إلا تخييلات ، وأن المطلوب منهم هو الشطح مع الخيال أينما شطح ، فلم يتقيدوا بتكاليف الشريعة ، ولم يحترموا قوانين اللغة العربية في فهم أبلغ النصوص العربية ، كتاب الله وسنة رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
والأدهى من ذلك أنهم يتخيّلون ويخيّلون إلى الناس ، أنهم هم أهل الحقيقة الذين أدركوا الغاية ، واتصلوا بالله اتصالا أسقط عنهم التكليف ، وسما بهم عن حضيض الأخذ بالأسباب ، ما داموا في زعمهم مع رب الأرباب. وهذا ـ لعمر الله ـ هو المصاب العظيم ، الذى عمل له الباطنية وأضرابهم من أعداء الإسلام ، كيما يهدموا التشريع من أصوله ، ويأتوا بنيانه من قواعده. (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ. وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ).
فواجب النصح لإخواننا المسلمين يقتضينا أن نحذّرهم الوقوع في هذه الشباك ، ونشير عليهم أن ينفضوا أيديهم من أمثال تلك التفاسير الإشارية الملتوية ، ولا يعوّلوا على أشباهها مما ورد في كلام القوم بالكتب الصوفية. لأنها كلها أذواق ومواجيد ، خارجة