الرابعة : الأخذ بما يقتضيه الكلام ويدل عليه قانون الشرع. وهذا النوع الرابع هو الذى دعا به النبى صلىاللهعليهوسلم لابن عباس في قوله : «اللهمّ فقّهه في الدّين وعلّمه التّأويل».
فمن فسر القرآن برأيه أى باجتهاده ملتزما الوقوف عند هذه المآخذ معتمدا عليها فيما يرى من معانى كتاب الله ، كان تفسيره سائغا جائزا خليقا بأن يسمى التفسير الجائز أو التفسير المحمود. ومن حاد عن هذه الأصول وفسر القرآن غير معتمد عليها ، كان تفسيره ساقطا مرذولا خليقا بأن يسمى التفسير غير الجائز أو التفسير المذموم.
فالتفسير بالرأى الجائز يجب أن يلاحظ فيه الاعتماد على ما نقل عن الرسول صلىاللهعليهوسلم وأصحابه مما ينير السبيل للمفسر برأيه. وأن يكون صاحبه عارفا بقوانين اللغة خبيرا بأساليبها. وأن يكون بصيرا بقانون الشريعة حتى ينزّل كلام الله على المعروف من تشريعه.
أما الأمور التى يجب البعد عنها في التفسير بالرأى فمن أهمها التهجم على تبيين مراد الله من كلامه على جهالة بقوانين اللغة أو الشريعة. ومنها حمل كلام الله على المذاهب الفاسدة. ومنها الخوض فيما استأثر الله بعلمه. ومنها القطع بأن مراد الله كذا من غير دليل. ومنها السير مع الهوى والاستحسان.
ويمكن تلخيص هذه الأمور الخمسة في كلمتين ، هما الجهالة والضلالة.
وينبغى أن يعلم أن في القرآن علوما تتنوع إلى ثلاثة :
الأول : علم لم يطلع الله عليه أحدا من خلقه بل استأثر به وحده كمعرفة حقيقة ذاته وصفاته وغيوبه التى لا يعلمها إلا هو. وهذا النوع لا يجوز الكلام فيه لأحد إجماعا.
الثانى : ما أطلع الله عليه نبيه صلىاللهعليهوسلم واختصّ به. وهذا لا يجوز الكلام فيه إلا له عليه الصلاة والسلام ولمن أذن له الرسول. قيل : ومنه أوائل السور.