الثالث : العلوم التى علمها الله تعالى لنبيه مما أمر بتبليغه. وهذا النوع قسمان : (قسم) لا يجوز الكلام فيه إلا بطريق السمع كالكلام في الناسخ والمنسوخ والقراءات ، وقصص الأمم الماضية ، وأسباب النزول ، وأخبار الحشر والنشر والمعاد. (وقسم) يعرف بطريق النظر والاستدلال ، وهذا منه المختلف في جوازه ، وهو ما يتعلق بالآيات المتشابهات. ومنه المتفق على جوازه وهو ما يتعلق بآيات الأحكام والمواعظ والأمثال والحكم ونحوها لمن له أهلية الاجتهاد.
العلوم التى يحتاجها المفسر
وقد بيّن العلماء أنواع العلوم التى يجب توافرها في المفسر فقالوا : هى اللغة والنحو ؛ والصرف ، وعلوم البلاغة ، وعلم أصول الفقه ، وعلم التوحيد ومعرفة أسباب النزول ، والقصص ، والناسخ ، والمنسوخ ، والأحاديث المبينة للمجمل والمبهم ، وعلم الموهبة ، وهو علم يورثه الله تعالى لمن عمل بما علم ، ولا يناله من في قلبه بدعة أو كبر أو حبّ دنيا أو ميل إلى المعاصى. قال الله تعالى : (سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ) وقال الإمام الشافعى :
«شكوت إلى وكيع سوء حفظى |
|
فأرشدنى إلى ترك المعاصى |
وأخبرنى بأنّ العلم نور |
|
ونور الله لا يهدى لعاصى» |
ملاحظة :
هذه الشروط التى ذكرناها ، وهذه العلوم كلها ، إنما هى لتحقيق أعلى مراتب التفسير. مع إضافة تلك الاعتبارات المهمة المسطورة في الكلمات القيمة الآتية. أما المعانى العامة التى يستشعر منها المرء عظمة مولاه ، والتى يفهمها الإنسان عند إطلاق اللفظ الكريم ، فهى ، هى قدر يكاد يكون مشتركا بين عامّة الناس ، وهو المأمور به للتدبّر والتذكر ، لأنه سبحانه سهّله ويسره. وذلك أدنى مراتب التفسير.