وكذلك نرى من أمثلة هذا التعصب والسير مع الهوى أن يرمى بعض المغالين من أهل السنة إخوانهم المعتزلة بالشرك والوثنية ، لاعتقادهم أن العبد خالق لأفعال نفسه الاختيارية.
ونعتقد أن كلتا الطائفتين لو أنصتت إلى وجهة نظر صاحبتها في هدوء ونصفة ، لاجتمعتا على الإنسانية التى تجمع الجميع ، وعلى الإسلام الذى يؤلف بين الجميع ، وعلى الاحترام الذى يجب أن يسود الجميع ، فإن لكلّ شرعة ومنهاجا في حدود الإسلام وأدلة الاسلام.
ولنقف برهة بجانب هذا المثال ، مثال خلق الأفعال ، ليتّضح الحال ، ولنقيس عليه النظائر والأشباه عند الاختلاف والاشتباه ، ولنعلم أن المتخالفين في ذلك ما زالوا مع خلافهم إخوانا مسلمين ، تظلّهم راية القرآن ، ويضمهم لواء الإسلام.
فى القرآن الكريم والسنة النبوية نصوص كثيرة على أن الله تعالى خالق كل شىء ، وأن مرجع كل شىء إليه وحده ، وأن هداية الخلق وضلالهم بيده سبحانه. مثل قوله عزوجل : (اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ. هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ. وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ. وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ. مَنْ يَشَأِ اللهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ. وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ ما فَعَلُوهُ. وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً. وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً. وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ. إِنَّا جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً. وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ ، وَسَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ. كَذلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ. فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ ، وَمَنْ يُرِدْ أَنْ