يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ. لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى)
وكذلك يقول النبى صلىاللهعليهوسلم : «إن أصابك شىء فلا تقل لو أنّى فعلت كذا كان كذا وكذا. ولكن قل : قدّر الله وما شاء فعل» ويقول : «الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، وتؤمن بالقدر خيره وشرّه» ويقول : «يا مقلّب القلوب والأبصار ثبّت قلبى على دينك». إلى غير ذلك.
هذه النصوص وأمثالها ، إذا نظر العبد إليها لا يسعه إلا أن يردّ الأمور كلها إلى الله معتقدا أنه الواحد الأحد ، لا شريك له في ملكه ولا في ناحية من ملكه ، وهى أفعال التكليف من عباده ، وكأن نسبة الأفعال إلى العباد هى الأخرى محض فضل من الله ، على حدّ ما قال ابن عطاء الله : «من فضله وكرمه عليك ، أن خلق العمل ونسبه إليك».
ويظاهر هذه الأدلة النقلية أدلة أخرى عقلية ، ناطقة بوحدانية الله في كل شىء ، وبأن العبد لا يعقل أن يكون خالقا لما اختاره من أفعاله ، لأنه لو كان خالقا لها لكان عالما بتفاصيلها ، ولكنه يشعر من نفسه بأنه تصدر عنه أشياء كثيرة جدا من عمله الاختيارى دون أن يعرف تفاصيلها ، كخطوات المشى وحركات المضغ في الأكل ونحوها. وإذا فليس العبد هو الخالق لها. (أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ؟).
بجانب هذا توجد نصوص كثيرة أيضا من الكتاب والسنة ، تنسب أعمال العباد إليهم ، وتعلن رضوان الله وحبّه للمحسنين فيها ، كما تعلن غضبه وبغضه للمسيئين منهم. من ذلك قوله سبحانه : (مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها. إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها. أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ أَنْ