مفروغ منه ومن التدليل عليه. لكن يفتّ في عضدنا غفلة كثير من إخواننا المسلمين عن هذا الأدب الإسلامى العظيم ، الذى يحفظ الوحدة ، ويحمى الأخوّة ، ويظهر الإسلام بصورته الحسنة ووجهه الجميل من السماحة واليسر ، واتساعه لكافة الاختلافات الفكرية والمنازع المذهبية ، والمصالح البشرية ، ما دامت معتصمة بالكتاب والسنة على وجه من الوجوه الصحيحة التى يحتملها النظر السديد والتأويل الرشيد.
ولقد حدث مثل هذا الاختلاف على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم بين أصحابه ، فما تنازعوا من أجله ، بل أخذ كلّ برأيه وهو يحترم الآخر ورأيه ، وأقرّهم الرسول صلىاللهعليهوسلم على ذلك ولم يعب أحدا منهم ، على رغم أنه يترتّب على بعض هذه الاختلافات أن ترك بعضهم الصلاة في وقتها اجتهادا منه ، إذ قال الرسول صلىاللهعليهوسلم يوما لفئة من أصحابه «لا يصلينّ أحدكم العصر إلا في بنى قريظة»
فافروا وجدّوا ، ولكن الغزالة تدلّت للغروب وهم لا يزالون ضاربين في الأرض. ولمّا يصلوا. هنا لك اجتهدوا ، فمنهم من وقف عند ظاهر النص فترك العصر حتى خرج وقته ما دام لم يصل إلى بنى قريظة. ومنهم من تأوّل النصّ وحمله على الكناية في الإسراع فصلّى حين خاف على الوقت من قبل أن يصل إلى بنى قريظة.
نقول : إن مثل هذا الخلاف حدث على عهد صاحب الرسالة وأقرّه ، تيسيرا على المسلمين وإعلاما بأن الإسلام دين الكافة ، يسع جميع البشر في كل العصور والأحوال. وشهد المسلمون بعد ذلك عصرا سعيدا كان أئمة الدين فيه يختلفون فيما بينهم كثيرا ، ولكنهم كانوا بجانب هذا يتكارمون ويتعاونون ويتراحمون كثيرا.
وإن كنت في شك فاسأل التاريخ عن إكرام مالك للشافعى ، واحترام الشافعى لأحمد بن حنبل حتى ورد أنه كان يتبرّك بغسالة قميصه ، أى يتبرك الأستاذ الإمام