فانظر ـ يا أخى ـ إلى قلة حياء هؤلاء من الله تعالى. يجعلون ما عرفوه من القياس أصلا والقرآن العظيم فرعا! حاشا العلماء المقتدى بهم من أئمة اللغة والإعراب من ذلك. بل يجيئون إلى كل حرف مما تقدم ونحوه ، يبالغون في توجيهه والإنكار على من أنكره. حتى إن إمام اللغة والنحو أبا عبد الله محمد بن مالك قال في منظومته الكافية الشافية في الفصل بين المتضايفين :
«وعمدتى قراءة ابن عامر |
|
فكم لها من عاضد وناصر» |
ولو لا خوف الطول وخروج الكتاب عن مقصوده ، لأوردت ما زعم أن أهل اللغة أنكروه ، وذكرت أقوالهم فيها ، ولكن إن مدّ الله في الأجل ، لأضعنّ كتابا مستقلا فى ذلك ، يشفى القلب ويشرح الصدر ، أذكر فيه جميع ما أنكره من لا معرفة له بقراءة السبعة والعشرة ولله در الإمام أبى نصر الشيرازى حيث حكى في تفسيره عند قوله تعالى : (وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ) كلام الزجاجى في تضعيف قراءة الخفض. ثم قال : ومثل هذا الكلام مردود عند أئمة الدين ، لأن القراءات التى قرأ بها أئمة القراء ثبتت عن النبى صلىاللهعليهوسلم ، فمن ردّ ذلك فقد ردّ على النبى صلىاللهعليهوسلم واستقبح ما قرأ به. وهذا مقام محظور لا يقلّد فيه أئمة اللغة والنحو. ولعلهم أرادوا أنه صحيح فصيح وإن كان غيره أفصح منه ، فإنا لا ندّعى أن كل ما في القراءات على أرفع الدرجات من الفصاحة.
وقال الإمام الحافظ أبو عمرو الدانى في كتابه جامع البيان ، عند ذكر إسكان «بارئكم ويأمركم» لأبى عمرو بن العلاء : «وأئمة القراء لا تعمل في شىء من حروف القرآن على الأفشى في اللغة والأقيس في العربية. بل على الأثبت في الأثر والأصح في