كل فرد فرد ممن روى عن هؤلاء الأئمة السبعة. قالوا : والقطع بأنها منزلة من عند الله تعالى واجب. قال : ونحن بهذا نقول ، لكن فيما اجتمعت على نقله عنهم الطرق ، واتفقت عليه الفرق من غير نكير له ، مع أنه شاع واشتهر واستفاض ، فلا أقل من اشتراط ذلك إذا لم يتفق التواتر في بعضها».
فانظر يا أخى إلى هذا الكلام الساقط ، الذى خرج من غير تأمل ، المتناقض في غير موضع في هذه الكلمات اليسيرة! أوقفت عليه شيخنا الإمام ولى الله تعالى أبا محمد ابن محمد بن محمد الجمالى رضى الله عنه ، فقال : ينبغى أن يعدم هذا الكتاب من الوجود ولا يظهر البتّة ، وإنه طعن في الدين. قلت : ونحن ـ يشهد الله ـ أننا لا نقصد إسقاط الإمام أبى شامة ، إذ الجواد قد يعثر ، ولا يجهل قدره. بل الحقّ أحقّ أن يتبع. ولكن نقصد التنبيه على هذه الزلّة المزلة ، ليحذر منها من لا معرفة له بأقوال الناس ولا اطلاع له على أحوال الأئمة.
أما قوله : «فمما نسب إليهم وفيه إنكار أهل اللغة الخ» فغير لائق بمثله أن يجعل ما ذكره منكرا عند أهل اللغة. وعلماء اللغة والإعراب الذين عليهم الاعتماد سلفا وخلفا ، يوجّهونها ويستدلون بها. وأنى يسعهم إنكار قراءة تواترت أو استفاضت عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ إلا نويس لا اعتبار بهم لا معرفة لهم بالقراءات ولا بالآثار ، جمدوا على ما علموا من القياسات ، وظنوا أنهم أحاطوا بجميع لغات العرب أفصحها وفصيحها ، حتى لو قيل لأحدهم شىء من القرآن على غير النحو الذى أنزل الله يوافق قياسا ظاهرا عنده ولم يقرأ بذلك أحد ، لقطع له بالصحة. كما أنه لو سئل عن قراءة متواترة لا يعرف لها قياسا لأنكرها ولقطع بشذوذها ، حتى إن بعضهم قطع في قوله عزوجل : (ما لَكَ لا تَأْمَنَّا) بأن الإدغام الذى أجمع عليه الصحابة رضى الله عنهم والمسلمون لحن وأنه لا يجوز عند العرب ، لأن الفعل الذى هو تأمن مرفوع ، فلا وجه لسكونه حتى يدغم فى النون التى تليه!.