فى ذلك ، وشيوخه الذين قرأ عليهم نعرفهم : الإمام أبو بكر بن مهران ، وأبو الفرج الشنبوذى ، وإبراهيم بن أحمد المروزى ، ولم يرو عنهم شىء من ذلك في طريق من الطرق.
فإذا كان ذلك يجسر ابن الحاجب أو من هو أكبر منه على أن يقدم على ما أجمع عليه فيقول : هو غير متواتر ، فهذه أقسام المد العرضى أيضا متواترة ، لا يشكّ في ذلك إلا جاهل. وكيف يكون المد غير متواتر وقد أجمع عليه الناس خلفا عن سلف؟
فإن قيل : قد وجدنا القراء في بعض الكتب كالتيسير للحافظ الدانى وغيره ، جعل لهم فيما مدّ للهمز مراتب في المد إشباعا وتوسطا وفوقه ودونه ، وهذا لا ينضبط ؛ إذ المد لا حدّ له. وما لا ينضبط كيف يكون متواترا؟ قلت : نحن لا ندّعى أن مراتبه متواترة ، وإن كان قد ادّعاه طائفة من القراء والأصوليين. بل نقول : إن المد العرضىّ من حيث هو متواتر مقطوع به قرأ به النبى صلىاللهعليهوسلم ، وأنزله الله تعالى عليه ، وأنه ليس من قبيل الأداء ، فلا أقل من أن نقول : القدر المشترك متواتر. وأما ما زاد على القدر المشترك كعاصم وحمزة وورش ، فهو إن لم يكن متواترا فصحيح مستفاض (١) متلقى بالقبول. ومن ادعى تواتر الزائد على القدر المشترك فليبين.
وأما الإمالة على نوعيها ، فهى وضدها لغتان فاشيتان من الأحرف السبعة التى نزل بها القرآن ، مكتوبتان في المصاحف ، متواترتان ، وهل يقول أحد في لغة أجمع الصحابة والمسلمون على كتابتها في المصاحف إنها من قبيل الأداء؟ وقد نقل الحافظ الحجة أبو عمرو الدانى في كتابه إيجاز البيان الإجماع على أن الإمالة لغة لقبائل العرب ، دعاهم إلى الذهاب إليها التماس الخفة. وقال الإمام أبو القاسم الهذلى في كتاب الكامل : إن الإمالة والتفخيم لغتان ليست إحداهما أقدم من الأخرى : بل نزل القرآن بهما جميعا ـ إلى أن قال ـ والجملة
__________________
(١) كذا بالأصل. ولعل صوابه «مستفيض».