«اعلم أن الرسم هو تصوير الكلمة بحروف هجائها بتقدير الابتداء بها والوقف عليها. والعثمانى هو الذى رسم في المصاحف العثمانية. وينقسم إلى قياسيّ ، وهو ما وافق اللفظ ، وهو معنى قولهم : تحقيقا. وإلى سماعىّ وهو ما خالف اللفظ ، وهو معنى قولهم : تقديرا وإلى احتمالى وسيأتى.
ومخالفة الرسم اللفظ محصورة في خمسة أقسام ، وهى الدلالة على البدل نحو : «الصراط» وعلى الزيادة نحو : «ملك» ، وعلى الحذف هو : «لكنا هو» ، وعلى الفصل نحو :
«فمال هؤلاء» ، وعلى أن الأصل الوصل نحو : «ألّا يسجدوا» فقراءة الصاد والحذف والإثبات والفصل والوصل خمستها وافقها الرسم تحقيقا ، وغيرها تقديرا ، لأن السين تبدل صادا قبل أربعة أحرف منها الطاء كما سيأتى ، وألف مالك عند المثبت زائدة ، وأصل «لكنّا» الإثبات ، وأصل «فمال» الفصل ، وأصل «ألّا يسجدوا» الوصل. فالبدل فى حكم المبدل منه ، وكذا الباقى. وذلك ليتحقق الوفاق التقديرى ، لأن اختلاف القراءتين إذا كان يتغاير دون تضادّ ولا تناقض فهو في حكم الموافق ، وإذا كان بتضادّ أو تناقض ففي حكم المخالف. والواقع الأول فقط ، وهو الذى لا يلزم من صحة أحد الوجهين فيه بطلان الآخر.
وتحقيقه : أن اللفظ تارة يكون له جهة واحدة ، فيرسم على وفقها ، فالرسم هنا حصر جهة اللفظ ، فمخالفه مناقض. وتارة يكون له جهات فيرسم على إحداها ، فلا يحصر جهة اللفظ ، فاللافظ به موافق تحقيقا ، وبغيره تقديرا ، لأن البدل في حكم المبدل منه. وكذا بقية الخمسة.
والقسم الثالث ما وافق الرسم احتمالا. ويندرج فيه ما وقع الاختلاف فيه بالحركة والسكون نحو «القدس» ، وبالتخفيف والتشديد نحو «ينشركم» بيونس ، وبالقطع والوصل المعبر عنه بالشكل نحو «ادخلوا» بغافر ، وباختلاف الإعجام نحو «يعلمون» و «يفتح» ، وبالإعجام والإهمال نحو «ننشزها» وكذا المختلف في كيفية لفظها