وقد عاب القرآن على من يأخذون بالظن فيما لا يكفى فيه الظن ، فقال الله جلّ شأنه : «إن يتّبعون إلّا الظنّ ، وإنّ الظنّ لا يغنى من الحقّ شيئا» إلى غير ذلك من أدلة كثيرة في الكتاب والسنة تأمر بالنظر ، وكان الصحابة هم المخاطبين بهذه التعاليم والمشافهين بها ، فلا ريب أن تكون تلك الآداب الإسلامية من أهمّ العوامل فى تثبتهم وحذرهم خصوصا فيما يتصل بكتاب ربهم وسنة نبيهم. وبعيد كل البعد ، بل محال كل الاستحالة ، أن يكونوا قد أهملوا هذا النصح السامى ، وهم خير طبقة أخرجت للناس.
العامل الثانى
ما سمعوه من الترهيب الشديد ، ومن التهديد والوعيد ، لمن يكذب على الله أو يفترى على رسوله ومصطفاه. قال الله سبحانه : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللهُ؟) فانظر كيف سلك الله من افترى الكذب عليه في سلك من قال أوحى إلىّ ولم يوح إليه شىء ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله؟ ثم انظر كيف قدّمه عليهما في الذّكر وصدره في الوعيد ، ونعته أول من نعت بالإغراق في الظلم.
وقال سبحانه : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعى إِلَى الْإِسْلامِ) وقال سبحانه : (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ. أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ؟).
ونقرأ في السنة النبوية أنه صلىاللهعليهوسلم قال : «من كذب علىّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار». وهو حديث مشهور ، بل متواتر ، ورد أنه قد رواه اثنان وستون صحابيّا منهم العشرة المبشرون بالجنة ، ولا يعرف حديث اجتمع عليه العشرة المبشرون بالجنة إلا