أن أدّى وظيفته وبلغ الناس وحفظوا عنه. فهو نسيان لم يخلّ بالرسالة والتبليغ ... قال البدر العينى في باب نسيان القرآن من شرحه لصحيح البخارى ما نصّه :
وقال الجمهور : جاز النسيان عليه (أى على النبى صلىاللهعليهوسلم) فيما ليس طريقه البلاغ والتعليم ، بشرط ألّا يقرّ عليه ، بل لا بدّ أن يذكره. وأما غيره فلا يجوز قبل التبليغ ، وأما نسيان ما بلّغه كما في هذا الحديث فهو جائز بلا خلاف» ا ه.
هذا. ولقد كنت في الطبعة الأولى تابعت بعض الكاتبين هنا في اتهام هذه الرواية بالدسّ والوضع ، ولكن تبين لى بعد إعادة النظر ، وتنبيه بعض ذى الفطن ، أن الخير صحيح رواه الشيخان ؛ ففي صحيح البخارى عن هشام عن عروة عن عائشة رضى الله عنها قالت : «سمع النبىّ صلىاللهعليهوسلم رجلا يقرأ في المسجد. فقال : يرحمهالله. لقد أذكرنى كذا وكذا آية من سورة كذا». زاد في رواية أخرى : «وقال : أسقطتهنّ من سورة كذا وكذا».
وفي صحيح مسلم عن هشام عن أبيه عن عائشة أن النبى صلىاللهعليهوسلم سمع رجلا يقرأ من اللّيل ، فقال : «يرحمهالله لقد أذكرنى كذا وكذا آية كنت أسقطتها من سورة كذا وكذا».
وقال النوويّ في كتابه التبيان في آداب حملة القرآن ما نصّه : وثبت في الصحيحين أيضا عن عائشة رضى الله عنها أن النبى صلىاللهعليهوسلم سمع رجلا يقرأ ، فقال : «رحمهالله. لقد أذكرنى آية كنت أسقطتها». وفي رواية في الصحيح «كنت أنسيتها» ا ه. سبحان ربى! (لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى).
(٢) وأما احتجاجهم الثانى وهو الاستثناء الذى في قوله سبحانه (سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى إِلَّا ما شاءَ اللهُ) فلا يدلّ على ما زعموا ؛ لأنه استثناء صورىّ لا حقيقىّ. والحكمة فيه أن يعلن الله عباده أن عدم نسيانه صلىاللهعليهوسلم الذى وعده الله إياه في قوله : (فَلا تَنْسى) إنما هو محض فضل من الله وإحسان ، ولو شاء سبحانه أن ينسيه لأنساه. وفي ذلك