الجم الغفير. وليس من شرط التواتر أن يحفظ كل فرد جميعه ، بل إذا حفظ الكلّ الكلّ ولو على التوزيع كفى ، وقال القرطبى : قد قتل يوم اليمامة سبعون ، وقتل في عهد النبى صلىاللهعليهوسلم ببئر معونة مثل هذا العدد. قال : وإنما خصّ أنس الأربعة بالذكر لشدة تعلقه بهم دون غيرهم ، أو لكونهم كانوا في ذهنه دون غيرهم» ا ه.
ثم إن ما ذكرناه في هذا المقام لا يتجاوز دائرة الصحابة الذين جمعت صدورهم كتاب الله في حياة رسول الله صلىاللهعليهوسلم. أما بعد وفاته عليه الصلاة والسلام فقد أتمّ حفظ القرآن آلاف مؤلفة من الصحابة ، واشتهر بإقراء القرآن من بينهم سبعة : عثمان ، وعلى ، وأبى بن كعب ، وأبو الدرداء ، وزيد بن ثابت ، وعبد الله بن مسعود ، وأبو موسى الأشعرى. كلهم جمعوا التنزيل بين حنايا صدورهم ، وأقرءوه لكثير غيرهم. جازاهم الله أحسن الجزاء. آمين.
ولعلك أيها القارئ الكريم لا تستكثر منا هذا المجهود الطويل في حديث أنس السابق ، فإن بعض الملاحدة قد اتخذ منه مثارا للطعن في تواتر القرآن. ومن وظيفتنا أن نردّ المطاعن ونفحم الطاعن. فأردنا أن نشبع الكلام في هذا الموضوع عند هذه المناسبة أداء للواجب من ناحية ، ولنستغنى عن إيراده في الشبهات الآتية من ناحية أخرى. (وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ. إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ).