القرآن عن أربعة : عن عبد الله بن مسعود ، وسالم ، ومعاذ بن جبل ، وأبىّ بن كعب» والأربعة المذكورون منهم اثنان من المهاجرين وهما الأوّلان ، واثنان من الأنصار وهما الأخيران. ا ه ولعل مراد الماوردى بهذا نفى الحصر الحقيقى وتوجيه الحصر الإضافى ، على نحو ما بيّنا مستدلين بحديث أنس نفسه كما رأيت ، وبالروايات الأخرى التى حكى بعضهم فيها التواتر ، وهى تصرح بأسماء أخرى غير أسماء هؤلاء الأربعة المذكورين في رواية أنس هذه. من تلك الروايات ما أخرجه النسائى بسند صحيح عن عبد الله بن عمر أنه قال : «جمعت القرآن فقرأت به كلّ ليلة ، فبلغ النبىّ صلىاللهعليهوسلم فقال له : اقرأه في شهر ... إلى آخر الحديث». ومنها ما أخرجه ابن أبى داود بسند حسن عن محمد بن كعب القرظى قال. «جمع القرآن على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم خمسة من الأنصار : معاذ بن جبل ، وعبادة بن الصامت ، وأبىّ بن كعب ، وأبو الدرداء ، وأبو أيوب الأنصارى».
وذهب بعضهم إلى أن الجمع في حديث أنس المذكور مراد به الكتابة لا الحفظ. وبعضهم ذهب إلى أن المراد به الجمع بوجوه القراءات كلها ، أو تلقيا ومشافهة عن الرسول صلىاللهعليهوسلم ، أو الجمع شيئا فشيئا حتى تكامل نزوله.
وللإمام أبى بكر الباقلانى أجوبة ثمانية يحاول بها دفع إشكال هذا الحديث. لكن ابن حجر ضعّفها ، وغيره فنّدها. والخطب سهل على كل حال ، وفيما ذكرناه كناية للخروج من هذا الإشكال.
غير أنه لا يفوتنى أن أقضى لك على هذا الإشكال بكلمة أعجبتنى عن المازرى إذ يقول ما نصّه : «وقد تمسك بقول أنس هذا جماعة من الملاحدة ، ولا متمسّك لهم فيه فإنا لا نسلم حمله على ظاهره : سلمناه. ولكن من أين لهم أن الواقع في نفس الأمر كذلك؟ سلمناه لكن لا يلزم من كون كل من الجم الغفير لم يحفظه كله ألّا يكون حفظ مجموعه