إياه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثم أقرّهم رسول الله
صلىاللهعليهوسلم
على استمساكهم هذا ، وحلّ مشكلتهم بأن أعلمهم أن كلّا منهم مصيب ومحسن ، وأن قراءة
كل منهم هكذا أنزلت ، وأن القرآن أنزل على سبعة أحرف ، وأنّ من كفر بحرف منها فقد
كفر بها كلها ، وألّا يختلفوا في ذلك فقد أهلك الاختلاف من كانوا قبلهم. وبهذا «قطعت
جهيزة قول كلّ خطيب».
(أمر ثالث) هو أن هؤلاء الذين شايعوا
ذلك المذهب ، يلتزمون أن يقولوا : إن اختلاف القراءات الحاصل اليوم ، يرجع كله إلى
حرف واحد ، وهكذا شاء لهم رأيهم أن يجعلوا تلك الكثرة الغامرة القائمة الآن حرفا
واحدا ، على ما بينها من اختلاف في الوجوه والأنواع وعلى رغم أن من القراءات
الحاضرة ما يكون وجه الاختلاف فيه ناشئا عن وجود ألفاظ مترادفة في كلمة واحدة ومعنى
واحد ، ومنها ما هو من لغات قبائل مختلفة ؛ كما نصّ على ذلك السيوطى في النوع
السابع والثلاثين. ونقلنا منه شيئا من موضع آخر من هذا المبحث.
ولدينا دليل مادىّ أيضا على بقاء الأحرف
السبعة جميعا ، هو بقاء التيسير والتخفيف ، وتهوين الأداء على الأمة الإسلامية
الذى هو الحكمة في الأحرف السبعة.
فها نحن أولاء لا نزال نشاهد عن طريق
القراءات المختلفة القائمة الآن سبيلا سهلا قد وسع كافّة الشعوب المسلمة ، سواء
منها الأمم العربية وغير العربية ، والحمد لله على دوام فضله ورحمته ، وبقاء
تخفيفه وتيسيره. وغفر الله لأولئك الأعلام الذين أخطئوا إصابة المرمى ، فقد
اجتهدوا وللمجتهد أجر وإن أخطأ ، ونسأل الله التوفيق والسداد ، آمين.