النوع الذى دبّ في زمانه ، كان بجمع الناس وتقريرهم على الحروف السبعة ، لا بمنعهم عنها كلّا ولا بعضا.
ثم كيف يفعل عثمان ذلك ، وتوافقه الأمة ، ويتم الإجماع؟ ثم يكون خلاف في معنى الأحرف السبعة مع قيام هذا الإجماع؟ أى كيف تجمع الأمة على ترك ستة أحرف وإبقاء حرف واحد ثم يختلف العلماء في معنى الأحرف السبعة على أربعين قولا ، ويكادون يتّفقون ـ رغم خلافهم هذا ـ على أن الأحرف السبعة باقية ، مع أن الإجماع حجة عند المسلمين ، وبه ينجلى ظلام الشكّ عن وجه اليقين!!.
ولنفرض جدلا أن نزاع المسلمين في أقطار الأرض أيام خلافة عثمان رضى الله عنه ، قضى عليه أن يجمع المسلمين على حرف واحد في القراءة ، فلما ذا لم تسمح نفسه الكريمة بإبقاء الستة الأحرف الباقية للتاريخ لا للقراءة ، مع أن الضرورة تقدّر بقدرها ، وهذه الستة الأحرف لم تنسخ لا تلاوة ولا حكما حتى تذهب بجرّة قلم كذلك ، ثم يبخل عليها بالبقاء للتاريخ وحده في أعظم مرجع ، وأقدس كتاب ، وهو القرآن الكريم. على حين أن الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين ، حفظوا للتاريخ آيات نسخت تلاوتها ونسخت أحكامها جميعا. وعلى حين أنهم حفظوا قراءات شاذة في القرآن ، ثم نقلت إلينا ، وكتب لها الخلود إلى اليوم وإلى ما بعد اليوم. بل نقلوا إلينا أحاديث منسوخة ، وتناقل العلماء أحاديث موضوعة ، ونصّوا على حكم كلّ منها وعلى إهمال العمل بها.
ثم إنّ من عرف تحمس الصحابة لدينهم واستبسالهم في الدفاع عن حمى القرآن يستبعد كل البعد ، بل يحيل كل الإحالة أن يكونوا قد فعلوا ذلك ، أو أقل من ذلك ، عاود ما قرّرناه في الشاهد السادس من شواهدنا الماضية ، وانظر إلى موقف عمر من هشام وموقف هشام من عمر ، وموقف أبىّ وابن مسعود وصاحبيهما. وتأمّل كيف أن كلّا من هؤلاء الصحابة رضوان الله عليهم أبى أن يتنازل عن قراءة سمعها عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم وعلمها