فكيف يسوغ للصحابة وهم خير القرون ، أن يغلقوا باب الرحمة والتخفيف الذى فتحه الله لأمة الإسلام ، مخالفين في ذلك هدى الرسول عليه الصلاة والسلام في عمله للتخفيف بطلب تعدّد الحروف ، وعلاجه للنزاع بين المختلفين بتقرير هذا التعدّد للحروف؟
ألا إن هذه ثغرة لا يمكن سدّها ، وثلمة يصعب جبرها ، وإلا فكيف يوافق أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم على ضياع ستة حروف نزل عليها القرآن ، دون أن يبقوا عليها مع أنها لم تنسخ ولم ترفع؟ وعلى حين أن الرسول صلىاللهعليهوسلم قرّر بقوله وفعله ، أنه لا يجوز لأحد أيّا كان ، أن يمنع أحدا أيّا كان ، من القراءة بحرف من السبعة أيّا كان. فقد صوّب قراءة كلّ من المختلفين ، وقال لكلّ «هكذا أنزلت» وضرب في صدر أبىّ بن كعب حين استصعب عليه التسليم بهذا الاختلاف في القراءة. إلى آخر ما شرحنا في الشاهدين الثالث والخامس من الشواهد الماضية.
وقصارى القول ، أننا نربأ بأصحاب رسول صلىاللهعليهوسلم أن يكونوا قد وافقوا أو فكّروا ، فضلا عن أن يتآمروا على ضياع أحرف القرآن الستة دون نسخ لها. وحاشا عثمان رضى الله عنه أن يكون قد أقدم على ذلك وتزعّمه!.
وكيف ينسب إليه هذا؟ والمعروف أنه نسخ المصاحف من الصحف التى جمعت على عهد أبى بكر رضى الله عنه قبل أن يدبّ النزاع في أقطار الإسلام بسبب اختلاف حروف القراءة في القرآن. فكانت تلك الصحف محتملة للأحرف السبعة جميعا ، وموافقة لها جميعا ، ضرورة أنه لم يحدث وقئتذ من النزاع والشقاق ما يدعو إلى الاقتصار على حرف واحد في رأيهم. ولم يثبت أن الصحابة تركوا من الصحف المجموعة على عهد أبى بكر حرفا واحدا فضلا عن ستة حروف ولو كان ذلك لنقل إلينا متواترا ؛ لأنه مما تتوافر الدواعى على نقله تواترا.
ثم كيف يفعل عثمان رضى الله عنه ذلك وهو الذى عرف أن علاج الرسول لمثل هذا