٢ ـ شواهد بارزة في هذه الأحاديث الواردة
إن الناظر في هذه الأحاديث الشريفة وما ماثلها ، يستطيع أن يقيم منها شواهد بارزة ، تكون منارات هدى ، ومصادر إشعاع ونور ، ترشده إلى ما عسى أن يكون هو الحقّ والصواب في بيان معنى الأحرف السبعة ، كما يستطيع أن يأخذ منها موازين ومقاييس يحاكم إليها كلّ ما شجر من هذا الخلاف البعيد ، فى هذا الموضوع الدقيق.
(الشاهد الأول) أن الحكمة في نزول القرآن على الأحرف السبعة هو التيسير على الأمة الإسلامية كلها ، خصوصا الأمّة العربية التى شوفهت بالقرآن ، فإنها كانت قبائل كثيرة ، وكان بينها اختلاف في اللهجات ونبرات الأصوات ، وطريقة الأداء وشهرة بعض الألفاظ في بعض المدلولات على رغم أنها كانت تجمعها العروبة ، ويوحد بينها اللسان العربىّ العام. فلو أخذت كلها بقراءة القرآن على حرف واحد ، لشق ذلك عليها كما يشقّ على القاهرى منا أن يتكلم بلهجة الأسيوطىّ مثلا ، وإن جمع بيننا اللسان المصرىّ العامّ ، وألفت بيننا الوطنية المصرية في القطر الواحد. وهذا الشاهد تجده ماثلا بوضوح بين الأحاديث السالفة
في قوله صلىاللهعليهوسلم في كل مرّة من مرّات الاستزادة «فرددت إليه أن هوّن على أمتى» وقوله : «أسأل الله معافاته ومغفرته ، وإنّ أمتى لا تطيق ذلك» ومن أنه صلىاللهعليهوسلم لقى جبريل فقال : «يا جبريل إنى أرسلت إلى أمّة أمّيّة فيهم الرجل والمرأة ، والغلام والجارية ، والشيخ الفانى الذى لم يقرأ كتابا قط» الخ.
قال المحقق ابن الجزرى : «وأما سبب وروده على سبعة أحرف فللتخفيف على هذه الأمة ، وإرادة اليسر بها ، والتهوين عليها شرفا لها ، وتوسعة ورحمة وخصوصية لفضلها ، وإجابة لقصد نبيها أفضل الخلق وحبيب الحق ، حيث أتاه جبريل فقال :