وإن كانت الآية قد أشارت إشارة خفيفة إلى بيان ما ينفقونه بقوله سبحانه : (مِنْ خَيْرٍ) غير أنها إشارة إجمالية لا تشبع حاجة السؤال.
ويمكن أن تنظم من هذا دليلا منطقيا من باب القياس الاقترانى ، تقريره هكذا : اللفظ العام الوارد على سبب خاصّ هو الحجة وحده عند الشارع ، وكل ما كان كذلك. يعتبر عمومه ، فاللفظ العامّ الوارد على سبب خاص يعتبر عمومه. وهو المطلوب. كما يمكن أن تنظم منه قياسا استثنائيا تقريره :
لو لم يكن اللفظ العامّ الوارد على سبب خاص معتبرا عمومه لما كان لفظ الشارع وحده هو الحجة ، لكن التالى باطل ، فبطل ما أدى إليه وهو المقدم ، وثبت نقيضه وهو أن اللفظ العام الوارد على سبب خاص يعتبر عمومه ، وهذا هو المطلوب.
«الدليل الثانى» أن الأصل هو حمل الألفاظ على معانيها المتبادرة منها عند الإطلاق أى عند عدم وجود صارف يصرف عن ذلك المتبادر ، ولا صارف للفظ هنا عن إرادة العموم ، فلا جرم يبقى على عمومه. أما ما يتوهّمه المخالفون من أن خصوص السبب صارف عن إرادة العموم ، فمدفوع بأن مجرد خصوص السبب لا يستلزم إخراج غير السبب من تناول اللفظ العام إياه. فلا يصلح أن يكون قرينة مانعة من إرادة ما وضع له اللفظ العام. وهو العموم الشامل لجميع الأفراد. ويمكن أن تنظم من هذا الدليل قياسا اقترانيا هكذا : اللفظ العام الوارد على سبب خاص يتبادر منه العموم عند الإطلاق ، وكل ما كان كذلك يبقى على عمومه. فاللفظ العام الوارد على سبب خاص يبقى على عمومه وهو المطلوب.
ويمكن أن تنظم من ذلك الدليل قياسا استثنائيّا أيضا يقول : لو لم يكن اللفظ العام الوارد على سبب خاص باقيا على عمومه عند الإطلاق للزم استعمال اللفظ في غير ما وضع له بلا قرينة ، لكن التالى باطل ، فبطل المقدّم وثبت نقيضه وهو أن اللفظ العام