التكرار خارجان عن حقيقته كالزمان والمكان ونحوهما ، فكما ان قول القائل «اضرب» غير متناول لمكان ولا زمان ولا آلة الضرب فكذلك هو غير متناول للعدد كثرة ولا قلة ، نعم لما كان اقل ما يمتثل به الامر هو المرة لم يكن بدّ من كونها مرادة ويحصل بها الامتثال لصدق الحقيقة المطلوبة بها.
وما يقال : من ان هذا الدليل انما يدل على عدم افادة الامر للوحدة او التكرار بمادته فلم لا يدل عليهما بهيئته؟
فجوابه : ان هيئة الامر تدل بمقتضى حكم التبادر على طلب الايجاد ومادته تدلّ على نفس الفعل العارى عن الخصوصيات فاين الدلالة على المرة والتكرار؟
احتج الاولون : بان النهى يقتضى التكرار فكذلك الامر قياسا عليه بجامع اشتراكهما فى الدلالة على الطلب.
والجواب : بوجود الفارق فان النهى يقتضى انتفاء الحقيقة وهو انما يكون بانتفائها فى جميع الاوقات ، والامر يقتضى اثباتها وهو يحصل بمرة (١) احتج من قال بالمرة بانه اذا قال السيد لعبده ادخل الدار فدخلها مرة ، عد ممتثلا عرفا ولو كان الامر للتكرار لما عد ممتثلا.
والجواب ، انه انما صار ممتثلا لأن المأمور به وهو الحقيقة قد حصل بالمرة لا لان الامر ظاهر فى المرة بخصوصها.
تنبيه : اذا قلنا بدلالة الامر على التكرار فاتى العبد متعلقه مكررا (كما اذا قال : اقرأ القرآن ، فقرأ سورة منه فى الغداة وسورة فى العشى) كان كل واحد منه امتثالا وهو واضح ، واما لو قلنا بالمرة فالاتيان الاول
__________________
(١) مع انه سيجىء ان دلالة النهى على التكرار ايضا محل تأمل بل الظاهر عدم دلالته (ش)