قوله سبحانه :
(وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ) وقد ينصر المؤمنين بعضهم بعضا وبعض المشركين بعضا قلنا إن نصر بعض المؤمنين بعضا من عند الله لأنه بمعونته وحسن توفيقه وأما نصر المشركين بعضهم ببعض فلا يعتد به لأنه بخذلان الله من حيث إن عاقبته إلى شر مال من العقاب الدائم.
قوله سبحانه :
(إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ) أي بالمئونة التي توجب الغلبة لأن الله تعالى يقدر على إعطائهم ما يغلبون به كل من نازعهم ويقلعون كل من ناواهم ومن كان الله ناصره بالحجة لم يغلبه أحد وإذا غلب بالحرب فلضرب من المحنة وشدة التكليف ولو هزم قوم من المؤمنين لجاز أن يقال هم المنصورون أي بالحجة.
قوله سبحانه :
(اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) لم يقل الله نور ولو كان نورا في الحقيقة لم يكن للإضافة معنى لأن ما كان نورا في الحقيقة فهو نور لأي شيء كان ولو أراد على معنى الضياء لوجب أن لا يكون في شيء من السماوات والأرض ظلمة بحال لأنه دائم لا يزول وأوجب أن يكون الاستضاءة به دون الشمس وبين أنه خالق النور فقال (وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ) فكيف يكون نورا مع كون النور مخلوقا وقال في آخرها (يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ) فلو أراد بذلك الضياء لما كان له معنى وجعل لنوره مثلا وهو المصباح في ضعفه وكيف يكون نورا والأرض والسماء في ضوئهما ولو كان نورا لوجب أن يكون ذا أجزاء كثيرة لأن النور هو المضيء والمضيء لا يكون إلا بأن ينفصل منه أجزاء يضيء غيره بتلك الأجزاء ولو كان نورا لم يخل من أن يحجبه الظلمة والحجاب أو لا يحجبه شيء فإن لم يحجبه شيء وجب أن تكون السماوات والأرض في جميع الأوقات مضيئة وإن حجبه حجاب أو منعه مانع كان كسائر الأنوار ثم إن ذلك تحقيق قول الثنوية في زعمهم بالأصلين النور والظلمة ـ ابن عباس والزجاج (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) مدبر أمورهما ـ السدي بنوره أضاءت السماء والأرض الضحاك به تكونت الأشياء ويقال الله واحد في سمائه وأرضه ويسمي الفرد نورا قَالَ الرِّضَا ع هَادٍ لِأَهْلِ السَّمَاءِ وَهَادٍ لِأَهْلِ الْأَرْضِ.