أهل زماني وارزقني ما لا يساوي فيه غيري إذا علمت أن ذلك أصلح لي وأنه ادعى إلى ما تريده مني لكان هذا الدعاء حسنا جميلا وهو غير منسوب إلى بخل وليس يمتنع أن يسأل النبي هذه المسألة من غير إذن إذا لم يكن ذلك بحضرة قومه بعد أن يكون هذا الشرط مرادا فيها وإن لم يكن منطوقا به لكان هذا الدعاء حسنا جميلا وهو غير منسوب إلى البخل ثم إنه إنما التمس أن يكون ملكه آية لنبوته يتبين بها من غيره ممن ليس بنبي.
قوله سبحانه :
(لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي) أي لا ينبغي لأحد غيري ممن أنا مبعوث إليه ولم يرد من بعده إلى يوم القيامة من النبيين كما يقول القائل أنا أطيعك ولا أطيع أحدا بعدك أي سواك قال المرتضى إنما سأل ملك الآخرة الذي لا يناله المستحق إلا بعد انقطاع التكليف وزوال المحنة وقوله (/ لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي) أي لا يستحقه بعد وصولي إليه أحد من حيث لا يصلح أن يعمل ما يستحق به لانقطاع التكليف ويقوي ذلك قوله (رَبِّ اغْفِرْ لِي) وهو من أحكام الآخرة
فصل
قوله تعالى (عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ) قال المبرد تسمي العرب كل مبين عن نفسه ناطقا ومتكلما وقال الرماني منطق الطير صوت تتفهم به معانيها على صيغة واحدة بخلاف منطق الناس إذ هو صوت يتفهمون به معانيهم على صيغ مختلفة ولذلك لم يفهم عنها مع طول مصاحبتها ولم تفهم هي عنه لأن أفهامها مقصورة على تلك الأمور المخصوصة ولما جعل سليمان يفهم عنها كان قد علم منطقها وقيل المراد به أنه علم ما يفهم به ما ينطق الطيور به في أصواتها ومقاصدها بما يقع منها من صياح على سبيل المعجز لسليمان.
قوله سبحانه :
(ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ) عرفه بالألف واللام للخصوصية به وسبيله سبيل غراب نوح وحمار عزير.
قوله سبحانه :
(لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً) العذاب اسم للضرر وإن لم يكن مستحقا و