في غيره كان فعل المكره حسنا وإن كان فعل المكره قبيحا فليس في الآية ما يدل على ما يقرفونه به ع ثم إنه أراد توطيني نفسي وتصبري لها على السجن أحب إلي من مواقعة المعصية والسجن أخف علي وأسهل كما يختار بعضنا أحد الشرين.
قوله سبحانه :
(وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ) إنما أراد الدعاء والمنازعة والشهوة ولم يرد العزم على المعصية وهؤلاء يبرئ نفسه مما يعتري مثله طباع البشر ثم إن هذا الكلام من كلام المرأة لا كلام يوسف وإنه مسوق على الكلام المحكي عنها قوله تعالى (قالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُ) إلى قوله (بِالسُّوءِ).
قوله سبحانه :
(قالَ أَحَدُهُما إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً وَقالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنا بِتَأْوِيلِهِ) فكان جوابه (لا يَأْتِيكُما طَعامٌ تُرْزَقانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُما بِتَأْوِيلِهِ) قال ابن جريح إنما عدل عن تأويل الرؤيا لأنه كره أن يخبرهما بالتأويل لما يجري على أحدهما فيه فلم يتركانه حتى أخبرهما وقال أبو علي إنما قدم هذا ليعلما ما خصه الله به من النبوة وليقبلا إلى الطاعة والإقرار بتوحيد الله تعالى.
قوله سبحانه :
(اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ) سجنه إذا كان قبيحا ومنكرا فعليه أن يتوصل إلى إزالته بكل وجه وسبب فلا يمتنع على هذا أن يضم إلى دعائه تعالى رغبة إليه في خلاصه من السجن ويمكن أن يكون الله تعالى أوحى إليه بذلك وأمره أن يقول للرجل ما قال له.
قوله سبحانه :
(سَنُراوِدُ عَنْهُ أَباهُ) المراودة هي التلطف وتكون من جهة الصدق والكذب معا.
قوله سبحانه :
(جَعَلَ السِّقايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ) الغرض في ذلك التسبب إلى احتباس