الحق فاختلفوا وإنما أخبر الله تعالى على الغالب من الحال وإذا قيل إذا كانوا مختلفين في الحق على إصابة بعضهم له فكيف يعمهم الكفر قلنا لا يمتنع أن يكون الكل كفارا بعضهم يكفر من جهة الغلو وبعضهم من جهة التقصير كما كفرت اليهود والنصارى في المسيح وعلى هذه الآية سؤالات كثيرة.
قوله سبحانه :
(وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ) أي من قرون سلفت وليس يعني به غير الناس لأن التكليف مقصور عن الجن والإنس لقوله (سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ) ولم يخاطب غيرهما وأول الآية تدل على أنه خاص قوله (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ) المعنى فيه (وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ) من البشر المكلفين (إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ) ولأن شرائط التكليف لا تصح حصولها للبهائم والطيور ولذلك شبه الجهال بالأنعام ولو كانت الأنعام مكلفة لكان فيها المؤمن والكافر
فصل
قوله تعالى (كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي) قيل كتب الله في اللوح المحفوظ أنا ورسلي أجرى مجرى القسم فأجابه بجوابه ـ الحسن ما أمر الله نبيا قط بحرب إلا غلب إما في الحال أو في الاستقبال ويقال لأغلبن أنا ورسلي بالحجج والبراهين وقيل في يوم القيامة.
قوله سبحانه :
(إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ) وقد خذلهم حتى قتلوا فنقول النصر الغلبة على العدو وهو على ضربين نصر بالحجة ونصر بالغلبة في المحاربة بحسب المصلحة وما تقتضيه الحكمة هذا إذا كان في دار التكليف وأما نصرة إياهم يوم القيامة فهو علو كلمتهم وظهور حقهم بجزيل الثواب وإذلال عدوهم بعظيم العقاب.
قوله سبحانه :
(ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللهُ) معناه إما بالغلبة وإما بأخذ الحق له