المحمول من أوزارهم لأنهم يقولون إن هؤلاء لا يحملون من أوزارهم من غير أن يخفف عنهم (وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ) أي من أوزار إضلال الذين يضلونهم مثل قوله (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) وفي القرآن (قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّما أَضِلُّ عَلى نَفْسِي وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْها وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) وأشباهها وبالإجماع لا يجوز ذلك من حيث إن ذلك يوجب التخفيف عنه فمعناه أنهم يحملون مثل أوزارهم لإغوائهم وذلك أنهم فعلوا فعلين ضلوا وأضلوا فاستحقوا حظين من العذاب وتحملوا حملين من الوزر بيت بذنبها تؤخذ كل وازرة
فصل
قوله تعالى (اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) النور والظلمة المذكوران في الآية جائز أن يكون المراد بهما الجنة والنار والثواب والعقاب وقد تصح الكناية عن الثواب والنعيم في الجنة بأنه نور وعن العقاب في النار بأنه ظلمة وإذا كان المراد بهما الجنة والنار ساغ إضافة إخراجهم من الظلمات إلى النور لأنه لا شبهة في أنه تعالى هو المدخل المؤمن الجنة والعادل به من طريق النار فلو حمل على الإيمان لتناقض المعنى ولصار تقدير الكلام أنه يخرج المؤمن من الكفر إلى الإيمان وإذا كان الكلام يقتضي الاستقبال في إخراج المؤمن من الظلمات كان حمله على ذكر طريق الجنة والعدول بهم عن طريق النار أشبه بالظاهر وبعد فلو كان الأمر على ما ظنوه لم صار الله تعالى وليا للمؤمنين وناصرا لهم على ما اقتضته الآية والإيمان من فعله لا من فعلهم ولم كان خاذلا للكفار ومضيفا لولايتهم إلى الطاغوت إذا كان من فعله ولم فصل بين الكافر والمؤمن في باب الولاية وهو المتولي للأمرين فيهما وفيه كلام كثير.
قوله سبحانه :
(قالَ أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ. وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ) أي ما تعملون في الحجارة والخشب وغيرهما مما كانوا يتخذونه آلهة ويعبدونها ولم يرد أنكم تعبدون نحتكم الذي هو فعل لكم بل أراد ما تفعلون فيه النحت كما قال (فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ) ومثله (وَأَلْقِ ما فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ ما صَنَعُوا) وعصا موسى لم تكن تلقف إفكهم وإنما كان تلقف الأجسام التي هي العصي والحبال ثم إنه أخرج الكلام مخرج التوبيخ لهم لعبادتهم الأصنام فلو كان ذلك من فعله تعالى لما توجه عليهم العتب بل يكون لهم الحجة لا عليهم ومتى