(يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها) واستهزاء الله تعالى الإهلاك والتدمير واستهزاء الخلق السفه والعنف ولا خلاف أن المبتدأ ليس بعقوبة ولا جزاء ويجري هذه مجرى قوله (يُخادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَما تَسْخَرُونَ).
قوله سبحانه :
(فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) ما لام هؤلاء على ما لم يفعلوا ولم يدركوا وإنما ذلك كقولهم هزمناكم يوم الجفار وفضحناكم يوم الستار أي قتلت آباؤنا آباءكم ثم إنه لما كانت الأبناء راضية بما صنعت الآباء دخلوا معهم في الغضب وشاركوهم فيه.
قوله سبحانه :
(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنا وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ وَما هُمْ بِحامِلِينَ مِنْ خَطاياهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) إن الله لا يؤاخذ أحدا بذنب غيره فلا يصح إذا أن يتحمل أحد ذنب غيره كما قال (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) وليس ذلك بمنزلة تحمل الدية عن غيره لأن الغرض في الدية أداء المال عن نفس المقتول فلا فصل بين أن يؤديه زيد عن نفسه وبين أن يؤديه عمرو عنه لأنه بمنزلة قضاء الدين.
قوله سبحانه :
(وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالاً مَعَ أَثْقالِهِمْ) معناه أنهم يحملون خطاياهم في أنفسهم التي لا يعملونها لغيرهم ويحملون الخطايا التي ظلموا بها غيرهم فحسن لذلك فيهم التفصيل الذي ذكر الله تعالى.
قوله سبحانه :
(لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ) وقوله (أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا) وقوله (إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ) وأشباهها إذا عرض على العقل والكتاب والسنة والإجماع بطل ذلك ولا يجوز في العقل أن يفعل ما هو ظلم والأخذ بغير الجرم ظلم فهو غير فاعل له والحمل المعقول أنما هو حمل شيء به ثقل والوزر في اللغة الثقل ومن نقل الحمل والوزر عن ذلك كان تاركا للظاهر والمعلوم أن من حمل من ثقل غيره يكون ذلك تخفيفا عنه ولا خلاف أنه لا يخفف عن