إخراج بعض الأشقياء من النار بعد دخولهم فيها وسمع الحسن قول أبي معشر الكوفي إن الله خلق خلقا وقال هؤلاء للجنة وهؤلاء للنار فقال يا لكع أوجعله الله قرعة بين عباده مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ع لَيْسَ مِنَ الْعَدْلِ أَنْ يَشْتَرِكَ اثْنَانِ فِي فِعْلٍ فَيُعْذَرَ الْقَوِيُّ وَيُلَامَ الضَّعِيفُ. وحقيقة السعادة أنه يتأتى له ما يريد الوصول إليه من المنافع ودفع المضار وهذا لا يوجب ما زعموا.
قوله سبحانه :
(رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا) الغلبة أنما تصح من القادر الحي ولا وجه لإضافة الغلبة إلى الشقاوة على أن السعادة والشقاوة أنما يستعمل في إصابة الخير وحرمانه.
قوله سبحانه :
(وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ) الظاهر أنه خلقهم لجهنم ولا يوجب ذلك أنه يريد منهم الكفر وأنه يريد العقاب وإن لم يرد ما يستحق به ذلك كما يريد التوبة من الفاسق وإن لم يرد ما لأجله يجب التوبة ولام (لِجَهَنَّمَ) لام العاقبة دون غرض الفعل لأنه قال في آخره (أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُ) وكيف يقول ذلك وإنما فعلوا ما له خلقوا وكيف يذمهم لفعل ما خلقهم له وأراده منهم ولام كي التي تكون لغرض الفعل يدخل على الأفعال دون الأسماء ويناقض قوله (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) فإذا خلقهم لعبادته فكيف يخلقهم لجهنم وإذا كان خلق جميعهم للعبادة فقد شاء من جميعهم العبادة بيت :
وما الناس إلا للعبادة خلقهم |
|
ولكن تعدى من تعدى على خير |
ويدل على أنه لام العاقبة قوله (فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً) وآل فرعون لم يلتقطوه لذلك وإنما التقطوه لقوله (قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ) قال الشاعر :
فللموت تغذوا الوالدات سخالها |
|
كما لخراب الدور تبنى المساكن |
قوله سبحانه :
(وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) يعني به من أسلم من هؤلاء المختلفين لأنهم إذا أسلموا ارتفع الخلاف بينهم وصاروا متفقين على الخير (وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) لأن يرحمهم ابتداء وأن يرحمهم على فعل أو خلق النصارى ليخالف